×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

·       وَلِلنَّاسِ فِي مَعْنَى هَذَا قَوْلاَنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّوَسُّلَ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمَّا قَالَ: «كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ بِنَبِيِّنَا إِلَيْكَ فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا» ([1])، وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ - وَغَيْرِهِ فَقَدْ ذَكَرَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ، ثُمَّ تَوَسَّلَ بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَتَوَسُّلُهُمْ هُوَ اسْتِسْقَاؤُهُمْ بِحَيْثُ يَدْعُو وَيَدْعُونَ مَعَهُ فَيَكُونُ هُوَ وَسِيلَتَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مِثْلِ هَذَا شَافِعًا وَدَاعِيًا لَهُمْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ التَّوَسُّلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وفي حَضرَتِهِ ومَغِيبِه،

****

 قوله: «وَلِلنَّاسِ فِي مَعْنَى هَذَا قَوْلاَنِ»؛ يعني: معنى هذا الحديث.

فقولُ عُمَرَ رضي الله عنه: «نَتَوَسَّلُ بِنَبِيِّنَا إِلَيْكَ فَتَسْقِينَا»؛ يعني: بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: «وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا»، وذلك لَمَّا مات الرسول صلى الله عليه وسلم وصار لا يُمكِنُ طَلَبُ الدُّعَاء منه، فطَلَبُوا مِن أَقرَبِ الناس إليه وهو عمه العباس، فطَلَبَ عمرُ من العباس أن يَدعُوَ للمسلمين بالغيث، فدَعَا العباسُ وهم يُؤمِّنون، فسَقَاهُمُ اللهُ عز وجل، فهذا مِن التَّوسُّل بدعاء الصالحين؛ وقصة الأعمى من هذا النوع، حيث تَوسَّلَ إلى الله بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1010).