×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

بل هو مِن الاستدلال على مَحَلِّ النِّزاع بما هو أجنبيٌّ عنه؛ فإنَّ قوله: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزمر: 3]، مُصرِّحٌ بأنهم عَبَدُوهم لذلك، والمُتوَسِّل بالعالِم مَثَلاً لم يَعبُدْهُ؛ بل عَلِمَ أن له مَزِيَّةً عند الله بِحَمْلِهِ العِلْمَ؛ فتَوَسَّلَ به لذلك.

****

قوله: «كما يَزعُمُه المُتشَدِّدُون في هذا الباب كابن عبد السلام» نحن ما رأينا كلام ابن عبد السلام ولا نَقَلَهُ رحمه الله حتى نَنظُرَ فيه، وإنما حَكَى مَضمُونَهُ فقط، ولكن هذا التفصيل الذي ذَكَرْنَاهُ هو الصَّحيحُ.

قوله: «وَلاَ سَكَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن إنكار ما فَعَلُوه بعد حكايته عنهم»؛ يعني: لم يَسكُت عن إنكار ما فَعَلَهُ أصحابُ الصخرة، نعم هذا صحيحٌ، بل أَقَرَّهُ صلى الله عليه وسلم، فَدَلَّ على أن تَوَسُّلَ الشخص بأعماله الصالحة أمرٌ جائزٌ.

قوله: «ليس بواردٍ» نقول: هؤلاء لا يَتوَسَّلُون بأعمال غيرهم، وإنما يَدْعُون غيرَ الله ويقولون: ﴿هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]، قال تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]؛ يعني: يَتوسَّلون بهم بعبادتهم لهم، فهم يَتوسَّلون بالشِّرك - والعياذ بالله - وهذا لا يَرِدُ علينا في هذا الباب، نحن نقول: إن التَّوسُّل بأعمال الإنسان نفسه إذا كانت صالحةً؛ فلا مانِعَ مِن هذا.

 قوله: «بل هو مِن الاستدلال على مَحَلِّ النِّزاع بما هو أجنبيٌّ عنه»، نقول ليس هناك شكٌّ أن هذا ليس دليلاً على مَحَلِّ النِّزاعِ، فهذا تَوَسُّلُ المُشرِكِين، الذين يَعبُدون ما يَتوَسَّلون به ويَتقَرَّبون إليه، ويقولون:


الشرح