﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ
إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ﴾ [الزمر: 3]، انظُرْ: فقد اعتَرَفُوا
أنهم يَعبدُونهم، حيث قالوا: ﴿مَا
نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ﴾ [الزمر: 3]، هذا تَوسُّلٌ ممنوعٌ، وهذا شِركٌ، ولا يجوز
التَّوسُّل إلى الله بالشرك.
قوله:
«مُصرِّحٌ بأنهم عَبَدُوهم لذلك»،
صَرَّحُوا أنهم عَبَدُوهم، فهذا تَوَسُّلٌ بالشِّرك - والعياذ بالله -، ولا
يَجُوزُ هذا، وأمَّا ما نَحْنُ فيه فهو التَّوسُّل بدعاء الصالِحِين، وهذا جائزٌ.
قوله:
«والمُتوَسِّلُ بالعالِم مثلاً لم
يَعبُدْه»، وإنما تَوَسَّلَ بدعائه رجاءَ أن يَتقَبَّلَه اللهُ ولم يَعبُدْهُ،
هذا ما نحن فيه الآن، الذي عليه القُبُورِيُّونَ اليوم هو ما عليه المشركون
الأولون، يأتون إلى القبور ويستغيثون بالأموات، ويَذبحون لهم، ويَنذرون لهم، وإذا
قيل لهم وأُنكِرَ عليهم يقولون: نحن ما نعبدهم، وإنما نتوسل بهم؛ لأنهم ناسٌ
صالِحون ونحن نتوسل بهم؛ نقول: هذا التَّوسُّل شركٌ، ولا يجوز، فهذا فِعل أهل
الجاهلية تمامًا، والميت لا يُطلَب منه شيءٌ؛ لا دعاءٌ ولا إغاثةٌ ولا شيءٌ؛ لأنه
انقَطَعَ عَملُهُ وهو مشغولٌ بنفسه، ولا يَملِكُ لنفسه شيئًا، لا يَتزَوَّد مِن
الحسنات، ولا يَتُوب مِن السيئات؛ لأنه خُتِمَ على عَمَلِهِ، فكيف يُتَعَلَّقُ به
ويُتَوَسَّلُ به، فالميت لا يُتَوَسَّلُ به، وإذا عَبَدَهُ فالأمرُ أَشَدُّ.
قوله: «بل عَلِمَ أن له مَزِيَّةً عند الله بِحَمْلِهِ العِلْمَ فَتَوَسَّلَ به لذلك»: هذا ليس بصحيحٍ، وسَبَقَ أن نَبَّهْنَا عليه؛ فلا تَتَوَسَّلْ بِعِلم فلانٍ؛ لأن هذا صفةٌ له هو، بل تَتوَسَّل بدعائه لكَ؛ أما أن تَتوَسَّل بعِلمِه أو بعَملِه فلا.