×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وكذلك قوله تعالى: ﴿فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا [الجن: 18]، فإنه نَهَى عن أن يُدْعَى مع الله غَيْرُهُ؛ كأن يقول: «يا الله ويا فلان»، والمُتَوَسِّلُ بالعالم - مثلاً - لم يَدْعُ إلاَّ اللهَ، وإنما وَقَعَ منه التَّوسُّل إليه بعمل صالح عَملَهُ بعضُ عِبَادِهِ، كما تَوَسَّلَ الثلاثةُ الذين انطَبَقَت عليهم الصخرةُ بصالح أعمالهم.

وكذلك قوله: ﴿وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ الآية [الرعد: 14]، فإن هؤلاء دَعَوْا مَن لا يستجيب لهم، ولم يَدْعُو رَبَّهُم الذي يستجيب لهم،

****

 قوله: «وإنما وَقَعَ منه التَّوسُّل إليه بعملٍ صالحٍ عَملَهُ بعضُ عِبادِه» نقول: هذا ليس بصحيحٍ، فلا يَتوَسَّل الإنسان إلى الله بعملٍ عَملَه بعضُ عباده، وإنما يَتوسَّل إلى الله بعملٍ عَملَه هو بنفسه.

قوله: «كما تَوسَّلَ الثلاثةُ الذين انطَبَقَت عليهم الصخرةُ بصالح أعمالهم» ولم يَتوَسَّلوا إلى الله بصالح أعمال غيرهم، فأنا لا أدري كيف الْتَبَسَ عليه رحمه الله هذا الشيء.

قوله: «فإن هؤلاء دَعَوْا مَن لا يستجيب لهم، ولم يَدْعُو رَبَّهُم الذي يستجيب لهم» هذا صحيحٌ، فهم دَعَوْا مَن لا يستجيب لهم إلى يوم القيامة، ما الفائدة أنك تدعو واحدًا لا يستجيب لك؟! هذا لا يقوله عاقل، فالأموات لا يستجيبون، قال تعالى: ﴿إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ [فاطر: 14]، فكيف تدعو أحدًا: إما أنه لا يَسمع منكَ، ولا يَصِل إليه صَوتُك لأنه ميتٌ، ولو فَرَضْنَا أنه يَسمَع، فهو لا يَقدِر أن يُعطِيَكَ ما تريد؛ لأن فاقد الشيء لا يُعطِيه، فهو مرهونٌ بعمله، ولا يستطيع أن يَنفع نفسه في هذه الحالة، فكيف يَنفع غيره.


الشرح