والمتوَسِّلُ بالعالِم - مثلاً - لَم يَدْعُ إلاَّ
اللهَ، ولَم يَدْعُ غيره دونه، ولا دعا غيره معه.
فإذا عَرفتَ هذا
لَم يَخْفَ عليك دَفْعُ ما يُورِدُه المانعون لِلتَّوَسُّل من الأدلة الخارجة عن
محل النزاع خروجًا زائدًا على ما ذَكَرْنَاه؛ كاستدلالهم بقوله تعالى: ﴿وَمَآ
أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلدِّينِ ١٧ثُمَّ مَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلدِّينِ ١٨يَوۡمَ
لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ ١٩﴾ [الانفطار: 17-
19]
****
قوله: «والمتوسِّل بالعالِم - مثلاً - لم يَدْع إلاَّ اللهَ، ولم يَدْع غيره
دونه، ولا دعا غيره معه» صحيحٌ أنه ما دعا غير الله، ولكن تَوسُّله بعمل
الغير، وهذا غير صحيحٍ، فلا يُتوَسَّل بِعِلم الغير، أو بعمل الغير، أو صلاح
الغير، هذا كله غير صحيحٍ.
قوله:
«لَم يَخْفَ عليكَ دَفْعُ ما يورده
المانعون للتوسُّل»، التَّوسُّل الذي يريده المؤلف، وهو التَّوسُّل بأعمال
الصالحين وصلاح الصالحين، وهذا لا نوافقه عليه، وإنما التَّوسُّل بدعائهم، وهذا
إنما يكون في حياتهم وحَضْرَتِهم عند من يَتوسَّل بدعائهم، هذا هو الوارد وهذا
الذي جاء في الأدلة.
يقول
المؤلف رحمه الله: المخالِفون له في رأيه أنهم يَستدلون بقوله تعالى: ﴿يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ
شَيۡٔٗاۖ﴾ [الانفطار: 19]، فهذا يَدُلُّ على
أنه لا يوجَد توسُّلٌ، نقول: نعم، لا تَملِك نفسٌ لنفسٍ شيئًا؛ لأن الأمر لله، قال
تعالى: ﴿وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ
لِّلَّهِ﴾ ولا يَملِك هذا إلاَّ اللهُ سبحانه
وتعالى، أما في الدُّنْيَا إذا طَلَبتَ مِن الحي الحاضر من الصالحين أن يَدعُوَ
لك،