وأَخرَجَ أحمدُ عن رُوَيْفِعٍ رضي الله عنه قال:
قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّ الْحَيَاةَ
سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ،
أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ، فَإِنَّ
مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ» ([1]).
****
قوله صلى الله عليه وسلم: «يَا رُوَيْفِعُ»: النبي صلى الله عليه
وسلم أوصى رويفعًا وهذه الوصية لجميع المسلمين، قال له: «لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ»؛ أي: تُعمَّر، وقد عُمِّر هذا
الرجلُ، ففيه معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم، وعَلَمٌ من أعلام نبوته، أن الله
أَطْلَعَهُ أن هذا الرجل سيُعمَّر، فعُمِّر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله
صلى الله عليه وسلم: «فَأَخْبِرِ النَّاسَ» هذا فيه البلاغ، وأنه يجب إخبار الناس بما
يضرهم ويؤثر على عقيدتهم، لا يكفي أن يتعلم الإنسان هذا في نفسه ويتجنبها في نفسه؛
بل مع هذا يجب عليه أن يبلغ الناس.
قوله
صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ»؛ قالوا: هذا من عادات الجاهلية،
أنهم كانوا يعقدون لحاهم عند الحرب؛ لأجل أن ينتصروا، وقيل: إن هذا فيه النهي عن
الترف، فترجيل اللحية وكدها ودهنها، وتجعيدها هذا فيه ترف.
قوله صلى الله عليه وسلم: «أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا»، الوتر هو: وتر القوس، فإذا أخلق هذا الوتر وصار لا يُستعمل للرماية يتبركون به ويعلقونه قلائد على الدواب، ليحميها من العين بزعمهم، ففيه النهي عن تعليق الأشياء والتبرك بها، أو تعوُّذًا بها، من الأوتار أو الخيوط أو القلائد أو غير ذلك.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (36)، والنسائي رقم (5067)، وأحمد رقم (16995).
الصفحة 3 / 327