فهؤلاء إنما طَلَبُوا أن يَجعَلَ لهم شجرةً ينوطون
بها أسلحتهم كما كانت الجاهلية تَفعل ذلك، ولم يَكُن مِن قَصدِهم أن يَعبدوا تلك
الشجرة أو يَطلُبوا منها ما يَطلُبه القُبُورِيُّونَ من أهل القبور، فأَخبَرَهم
صلى الله عليه وسلم أن ذلك بمنزلة الشِّرك الصَّريح، وأنه بمنزلة طَلَبِ آلهةٍ غير
الله.
****
بالكفار،
والتشبه بأهل الجاهلية، وأنه يُفضِي إلى الشرك، ففيه وجوب تَعَلُّم التَّوحِيد،
ومعرفة الشرك وأنواعه من أجل أن تُجتَنَب، فهذا هو المطلوب.
فدَلَّ
هذا على أنه لا يجوز التعلق بالأشجار، ولا بالأحجار، ولا بشيء من دون الله عز وجل،
يُعتَقَد فيه أنه يؤثِّر ويَنفع ويَضُر أو أنه يَجلب البركة.
قوله: «فهؤلاء إنما طَلَبوا أن يَجعَلَ لهم شجرةً ينوطون بها أسلحتهم»، فلم
يقولوا: ﴿ٱجۡعَل
لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ﴾
[الأعراف: 138] كما قالت بنو إسرائيل، بل قالوا: «اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ»،
فالرسول صلى الله عليه وسلم اعتَبَرَ هذا من اتخاذ الآلهة، وَعَدَّهُ مثل قول بني
إسرائيل: ﴿ٱجۡعَل
لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ﴾
[الأعراف: 138] فالذي يَتعَلَّق بشيءٍ من دون الله فقد اتَّخَذَه آلهةً؛ تَنفَعُه
وتَضُرُّه مِن دون الله عز وجل.
قوله:
«ولم يَكُن مِن قَصدِهم أن يَعبدوا تلك
الشجرة أو يَطلُبوا منها ما يَطلُبه القُبُورِيُّونَ من أهل القبور»،
فقَصدُهُم أقلُّ من ذلك، وهو التَّبَرُّك بها فقط، وقد عَدَّهُ النبي صلى الله
عليه وسلم من اتخاذ الآلهة، فكيف بمن يُصَرِّح بالشرك، ويستغيث بالأموات ويَذبَح
لهم ويَنذِرُ لهم صريحًا بفعله وقوله!