×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ومن ذلك: ما أَخرَجَهُ مسلمٌ في صحيحه عن علي بن أبي طالب - كرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - قال: حَدَّثَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأرْبَعِ كلماتٍ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَْرْضِ» ([1]).

****

قوله: «فأَخبَرَهم صلى الله عليه وسلم أن ذلك بمنزلة الشرك الصريح»، حيث قال: «قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى عليه السلام: ﴿ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ [الأعراف: 138] » وهؤلاء قالوا: «اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ» ذَاتُ أنواطٍ، فالمعنى واحدٌ وإن اختَلَفَ اللفظُ، فكُلُّه تَعَلُّقٌ بغير الله عز وجل.

 علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزَوْجُ ابنته فاطمة، وأبو الحسن والحسين رضي الله عنهم، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو من العشرة المبشَّرين بالجنة، وهو رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، والنبي صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُ بهذه الكلمات الأربع وهي للأُمَّة كلها، كان صلى الله عليه وسلم يأمر بعضَ أصحابه أو ينهاهم وهو يريد الأُمَّةَ كُلَّهَا، يُحمِّل هذا الشخص أن يُبَلِّغَ عنه هذه الأمور التي تَحَمَّلَهَا؛ ولذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يَكتُم هذه الأشياء بل بَيَّنَها وبَلَّغَهَا لِلأُمَّة رضي الله عنه وأرضاه-.

وأما قوله: «كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ»، فهذه اللفظة ينبغي أن تُتْرَكَ ولا يُخَصَّصَ بها عليٌّ رضي الله عنه، بل يُقالُ له - كما يُقال لإخوانه من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم -، قال تعالى: ﴿لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1978).