×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ويتحصل من ذلك شكلٌ قطعيٌّ، هو: أن إراقة دماء الأنعام عبادةٌ، وكل عبادةٍ لا تكون إلاَّ لله، فإراقة دماء الأنعام لا تكون إلاَّ لله، ودليل الكبرى قوله تعالى: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ [الأعراف: 59]، وقوله: ﴿فَإِيَّٰيَ فَٱعۡبُدُونِ [العنكبوت: 56]، ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ [الفاتحة: 5] ؟، ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ [الإسراء: 23]، ﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ [البينة: 5].

****

 قوله: «ودليل الكبرى»؛ يعني: المُقدِّمة الكبرى، وهي قوله: «إراقة دماء الأنعام عبادة»، والعبادة لا تَصلُح إلاَّ لله، فذَبْحُ الأنعام لغير الله شِركٌ.

فالمُقدِّمَة: أن ذَبْحَ الأنعام عبادةٌ.

النتيجة: العبادةُ لغير الله شِركٌ.

قوله تعالى: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ [الأعراف: 59] بما في ذلك الذبح؛ لأن الذبح نوعٌ من أنواع العبادة، ﴿مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ [الأعراف: 59] فلا تَذبَحُوا لغيره.

قوله تعالى: ﴿فَإِيَّٰيَ فَٱعۡبُدُونِ [العنكبوت: 56] تقديم المعمول يفيد الحصرَ، مثل قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ [الفاتحة: 5] فالعبادة محصورةٌ لله عز وجل، ولا تكون لغيره، ﴿فَإِيَّٰيَ فَٱعۡبُدُونِ [العنكبوت: 56]، يعني: لا تَعبُدوا غيري، بأيِّ نوعٍ من أنواع العبادة.

قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ [الفاتحة: 5]، قَدَّمَ المعمولَ ﴿إِيَّاكَ على العامل وهو ﴿نَعۡبُدُ ﴿وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ لِيُفِيدَ الحصرَ، فهذا مِن صِيَغِ الحصر في اللغة العربية، فالعبادة محصورةٌ لله عز وجل، بكل أنواعها مِن ذَبْحٍ وغيره.


الشرح