×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وقد يَتضَمَّن تعظيمَ المخلوق زيادةً على تعظيم الخالق كما يَفعَلُه كثيرٌ مِن المخذولين، فإنهم يَعتَقِدون أن لأهل القبور مِن جَلْبِ النفع ودَفْعِ الضر ما ليس لله؛ تعالى اللهُ عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.

****

 ورِدَّةً، وقد يكون خروجًا جزئيًّا وذلك بالشرك الأصغر، وعلى كل حالٍ هو شركٌ، والشرك الأصغر لا يُستهان به؛ لأنه يَجُرُّ إلى الشرك الأكبر ولأنه لا يُغفَر، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48]، فلا يُتساهل بالشرك الأصغر، فكيف بالأكبر!

 قوله: «وقد يَتضَمَّن تعظيمَ المخلوق زيادةً على تعظيم الخالق» كما ذَكَرُوا أن بعضهم إذا طَلَبْتَ منه اليمينَ بالله يُبادِرُ ولا يَتَلَكَّأُ، وإذا طَلَبْتَ منه اليمينَ بالمخلوق الذي يُعظِّمه تَوَقَّفَ وارتَعَدَ وخاف مِن أن يُصابَ مِن ذلك المخلوق.

قوله: «كما يَفعَلُه كثيرٌ مِن المخذولين...»؛ ولذلك يَخافون من الأموات أكثر مما يَخافون من الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم يُعظِّمونهم أكثَرَ مما يُعظِّمُون الله، والشيطان يريد أن يُهلِكَ بني آدمَ ولا يَقِفُ عند حَدٍّ، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٌ [البقرة: 168]، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ [فاطر: 6]، يَنتَقِم منهم لأنه تَعَهَّدَ بذلك، حين حَدَثَ منه ما حَدَثَ في حق أَبِينا آدَمَ عليه السلام، تَعهَّدَ أنه سيَتَتَبَّع ذُريَّتَه، ولا يَدَّخِر وُسعًا في إضلالهم، ﴿لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٗا [الإسراء: 62]، ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٨٢إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِينَ ٨٣ [ص: 82- 83]، تَعهَّدَ بهذا، وهو على ما تَعَهَّدَ وجادٌّ في ذلك؛ ولذلك يَتَطَوَّرُ بالقبوريين إلى أن يُعظِّمُوا


الشرح