فإن أَنكَرْتَ هذا، فانْظُرْ أحوالَ كثيرٍ مِن
هؤلاء المخذولين، فإنك تَجِدُهُم كما وَصَفَ اللهُ سبحانه: ﴿وَإِذَا
ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِۖ
وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ﴾ [الزمر: 45]،
****
المقبورَ، ويَخافون منه ويَرجُونه أَشَدَّ
مِمَّا يَخافُون مِن الله، ويُعظِّمُونَه أَشَدَّ مما يُعظِّمُون اللهَ،
ويَرجُونَه أَشَدَّ مما يَرجُونَ اللهَ عز وجل؛ ولذلك لا تَجِدُ لله ذِكْرًا على
ألسنتهم، وإنما يَلهَجون بِذِكر الأولياء والصالحين - نسأل الله العافية-، حتى صار
التَّوحِيد عندهم هو دعاء الصالحين والاستِغَاثَة بالأموات، وإذا نُهوا عن ذلك
فإنهم يَغضَبُون، يقولون: «هذا من
الخوارج»! «هذا وَهَّابِيٌّ»!...
إلى آخِرِ ما يقولون؛ لأنهم نَشَأوا على هذه العقيدة، فصار التَّوحِيدُ غريبًا
عندهم أو مجهولاً لا يَعرِفُونه، وإنما التَّوحِيد عندهم تَعظيمُ القبور، والعبادة
عندهم بالبِدَعِ ليست بالسُّنَن، هذا هو الغالب على كثيرٍ مِن العالَم الإسلاميِّ
اليوم، فالدِّين الصحيحُ غريبٌ، أما التَّسَمِّي بالإسلامِ فكثيرٌ.
فالله أَخْبَرَ عن هؤلاء وأشباههم وأتباعهم، أنهم إذا ﴿ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ﴾ ذُكِرَ التَّوحِيدُ ونُهِيَ عن الشِّرك، ﴿ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِۖ﴾ الذين نَشَأوا على هذه العقائد الفاسدة المتوارَثة؛ يَستَغرِبون هذا ويَستَنكِرون ويَغضَبُون، فهذا واقعٌ الآن، فالدعاة بعضهم يقول: لا تَذكُروا التَّوحِيدَ، لكي لا تُنفِّروا الناسَ، اترُكُوا الناسَ على عقائدهم، اجْعَلُونا نَتَوَافَقُ، نَجتَمِعُ فيما اتَّفَقْنَا عليه ويَعذِرُ بَعضُنا بعضًا فيما اختَلَفْنَا عليه! وهذه القاعدة يُسَمُّونَهَا الذَّهَبِيَّةَ، وهي طاغوتِيَّةٌ،