ومِن ذلك ما ثَبَتَ في «الصحيحين» عنه صلى الله
عليه وسلم عند موته أنه كان يقول: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؛
اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا ([1]).
****
يقولون: لا تُنكِرُوا على الناس على ما هم عليه
مِن الشِّرك والكفرِ، اترُكُوا الناسَ على ما هم عليه، ولكي نَجتَمِعَ ونَتعَاوَنَ
ونَرُدَّ على الزَّنادِقَةِ، وعلى المَلاَحِدَة، وعلى الشُّيوعِيِّين وعلى
العلمَانِيِّين فقط، وأما فيما بيننا فاترُكُوا كلَّ أحدٍ على ما هو عليه، ولا
يُمكِنُ أن نَقِفَ في وجوه المَلاحِدَةِ والزَّنادِقَةِ والكُفَّارِ ونحن هكذا،
اليهوديُّ ماذا قال للرسول صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَدْرَكَ خَطأً من بعض
الناس، قال: «نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ،
لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ، تَقُولُونَ: مَا شَاءَ مُحَمَّدٌ، وَ تَقُولُونَ:
وَ الْكَعْبَةِ»، احتَجَّ بهذا على المسلمين، فنهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم
عن ذلك، قال: «لاَ تَقُولُوا مَا شَاءَ
اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ، وَقُولُوا:
وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» ([2])،
فالرسول قَبِلَ منه هذه المُلاحَظَةَ ونَهَى عنها، فيجب على الدعاة أن يَنظُروا
إلى هذه الأمور وأن يُمَحِّصُوها، ويُخَلِّصوا المسلمين منها قبل أن يَدْعُو
الكفارَ إلى الدخول في الإسلام؛ فيُصلِحُون أنفسَهم أوَّلاً قبل كل شيءٍ.
قوله: «ومن ذلك ما ثَبَتَ في «الصحيحين» عنه صلى الله عليه وسلم عند موته أنه كان يقول: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا»، النبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يَدْعُو إلى التَّوحِيد حتى بَعْدَمَا
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1390)، ومسلم رقم (531).