ومن ذَلِكَ ما أَخْرجَهُ أهل السُّنَن وَالحَاكِم،
وَقَالَ: صَحِيح عَلَى شرط الشَّيْخَيْنِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ
بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» ([1])، وَأَخْرَجَ
أَبُو يَعْلَى بسندٍ جَيِّدٍ مرفوعًا: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا
فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» ([2])، وَأَخْرَجَ نحوه
الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث ابْن عَبَّاسٍ بسندٍ حَسَنٍ ([3])،
****
قَوْله:
«وهذه الأُمُور إِنَّمَا كَانَت من
الجِبْت والشرك»، الجِبْت قِيلَ: الشَّيْطَان، وَقِيلَ: السِّحر، قَالَ
تَعَالَى: ﴿يُؤۡمِنُونَ
بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّٰغُوتِ﴾
[النِّسَاء: 51]، فالجبت هُوَ الشَّيْطَان أو هُوَ السِّحر، وَهُوَ شركٌ بالله عز
وجل.
قَوْله:
«لأَِنَّهَا مظنة لِلتَّعْظِيمِ الجَالِب
لِلاِعْتِقَادِ الفاسد»؛ لأنه إِذا تعلَّقَ بِشَيْءٍ فإنه قَد عَظَّمَه كتعظيم
الرَّبّ سبحانه وتعالى، فيكون مُشرِكًا بِذَلِكَ.
قَوْله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا» الكاهن والعراف بِمَعْنَى واحد، وَهُوَ الَّذِي يَدَّعِي عِلم الغَيْب، تَتَنَزَّل عَلَيْهِمُ الشَّيَاطِين، فتُخبِرُهم بِشَيْءٍ هُم لا يَعرِفُونه، وَالشَّيَاطِين يَعرفونه، وَالشَّيَاطِين تَصعَد إِلَى السَّمَاء وتَستمع إِلَى الملائكة، يَستَرِقُون السَّمْعَ كما قَالَ عز وجل: ﴿إِلَّا مَنِ ٱسۡتَرَقَ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3906)، والترمذي رقم (135)، وابن ماجه رقم (639)، والحاكم رقم (15).
الصفحة 1 / 327