×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

 ٱلسَّمۡعَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ مُّبِينٞ [الحجر: 18]، وَقَوْله: ﴿هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢٢١تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٢٢٢ [الشُّعَرَاء: 221- 222] وهم الكُهَّان، ﴿يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ [الشُّعَرَاء: 223]، يَسمع كَلِمَةً واحدةً مِن كَلاَم الملائكة ويَكذِب مَعَهَا مِائَة كذبةٍ - كما فِي الحَدِيث ([1]) - لأجل الفتنة، فهؤلاء هُم عملاء الكُهَّان، ولما قَالَ المُشْرِكُونَ: إن مُحَمَّدًا تَنَزَّلُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ بِالقُرْآنِ، قَالَ عز وجل: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتۡ بِهِ [الشُّعَرَاء: 210] أي: القُرْآن، ﴿وَمَا تَنَزَّلَتۡ بِهِ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢١٠وَمَا يَنۢبَغِي لَهُمۡ وَمَا يَسۡتَطِيعُونَ ٢١١ [الشُّعَرَاء: 210- 211] لا يستطيعون أن يَقرَبُوا الوحيَ فيُحرِقَهم، ثُمَّ قَالَ جل وعلا: ﴿إِنَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّمۡعِ [الشُّعَرَاء: 212] عَن الوحي، ﴿لَمَعۡزُولُونَ [الشُّعَرَاء: 212]، أي: مُبعَدُون، فالوحي لا يَنزِل به إلاَّ المَلَك وَهُوَ جبريل عليه السلام الأَمِين.

ثُمَّ قَالَ عز وجل: ﴿هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ [الشُّعَرَاء: 221] ردًّا عَلَى قولكم: إنها تَنَزَّلُ عَلَى الرُّسُل، ﴿تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ [الشُّعَرَاء: 222]؛ يَعْنِي: كذاب، ﴿أَثِيمٖ [الشُّعَرَاء: 222]، ﴿يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ [الشُّعَرَاء: 223]، فعملاء الكُهَّان هُم الشَّيَاطِين، وهم يَعتمدون عَلَى الكذب، وأكثر ما يُخبِرُون به الكذب، فبضاعتهم الكذب، وَمَعَ هَذَا يُصدِّقهم من يُصدِّقهم مِن النَّاس ويَذهب إِلَيْهِمْ ويَسألهم؛ وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»، فَلاَ يَستَوِي ولا يَجتَمِع تصديق الكُهَّان وتصديق القُرْآن، لا يَجتَمِعان أَبَدًا، فَهَذَا فيه أن من سَأَلَ الكُهَّان وصَدَّقَهم أنه يَكفُر؛ لأنه صَدَّقَ بالكفر،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3210).