×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

 ومن صَدَّقَ الكَافِر فَقَد كَفَرَ، فَلاَ يَجُوزُ الذَّهَاب إِلَى الكُهَّان والسَّحَرَة والمشعوذين؛ لأن هَذَا يُفسِد العَقِيدَةَ ويُخِلُّ بالتَّوحِيد ويُنافِيه، فَلاَ يَجُوزُ الذَّهَاب إِلَيْهِمْ، ولو ذَهَب إِلَيْهِمْ وسألَهم وَلَمْ يُصدِّقهم لن تُقبَل لَهُ صلاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، كما فِي صَحِيح مُسْلِم: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ([1])، فَكَيْفَ إِذا صَدَّقَه.

فَلاَ يَجُوزُ الذَّهَاب إِلَى السَّحَرَة والكُهَّان والمخرفين والمنجمين وسؤالهم عَن الأُمُور الغَائِبَة، لأن هَذَا من ادعاء علم الغَيْب الَّذِي لا يَعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، أو مَن أَطلَعَه اللهُ عَلَى شَيْء مِن غَيبِه؛ كالرسل - عَلَيْهِم الصَّلاَة وَالسَّلاَم-، قَالَ تَعَالَى: ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧ [الجِنّ: 26- 27]، فإِنَّ اللهَ يُطلِعُه عَلَى شَيْء من الغَيْب لِمَصْلَحَة البشرية، وَهَذَا مِن معجِزات الرُّسُل - عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-، وَأَمَّا غَيرهم فَلاَ يمكن اطِّلاَعُه عَلَى الغَيْب، ومن صَدَّق فإنه يَكفُر، لأنه شارَكَ اللهَ عز وجل فِي عِلم الغَيْب، وَهِيَ صِفَة من صفاته جل وعلا.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2230).