×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ومِن ذَلِكَ ما أَخْرَجَهُ «مُسْلِمٌ» عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللهُ عز وجل: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ([1])، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَن أبي سعيد مرفوعًا: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: الشِّرْكُ الْخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» ([2]).

****

قَوْله: «فَإِنَّ هَذَا يَعْبُدُ رَبَّيْنِ»؛ لأن قَوْله: يا الله يا فلان؛ فإنه سَوَّى فُلاَنًا بالله عز وجل، وَهَذَا شِرْكٌ أَكْبَرُ.

قَوْله: «وَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنا بنوء كَذَا فَهُوَ لم يَقُل: أَمْطَرَهُ ذَلِكَ النوءُ بل قَالَ: أُمطَرُ به، وَبَيْنَ الأَمْرَيْنِ فَرْقٌ ظَاهِرٌ»، إِذا قَالَ: مُطِرنا فِي نَوْءِ كَذَا، يَعْنِي فِي وَقْتِ كَذَا، ووقت الأَمْطَار مَعْرُوف، فالأوقات الَّتِي يُتحَرَّى فِيهَا المطر معروفةٌ، فَإِذَا قَالَ «فِي نوء» يَعْنِي فِي الوقت، فَلا بَأْسَ بِذَلِكَ، أَمَّا قَوْل: «مُطِرْنَا بنوء» بالباء؛ فَهَذَا لا يَجُوز، وفَرْقٌ بَين التعبيرين، نَقُول: مُطِرْنا فِي الموسم، مُطِرْنا عَلَى دُخُول الموسم، فِي دُخُول الموسم، فِي وَقْتِ كَذَا، هَذَا لَيْسَ مَمْنُوعًا أنك تُخبِر عَن وَقْتِ نزول المطر - بِإِذْنِ اللهِ عز وجل -؛ فإن شَاءَ أن يُنزِل المطرَ فِي ذَلِكَ الوقت، وإن شَاءَ لم يُنزِل.

 قَوْله: «يقول الله عز وجل: «تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»»، هَذَا فيه أن الشِّرْك يُحبِط العَمَل، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ 


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2985).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (4204)، وأحمد رقم (11252).