وَأَخْرَجَ ابْن أبي حاتم عَن ابْن عَبَّاس رضي
الله عنهما فِي تفسير قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ
لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [البَقَرَة: 22]،
أنه قَالَ: «الأَنْدَاد أَخْفَى من دبيب النَّمْل عَلَى صفاة سوداء فِي ظُلْمَة
اللَّيْل، وَهُوَ أن تقول: واللهِ وحياتِك يا فلان، وحياتي، وتقول: لولا كلبة
هَذَا لأتانا، ولولا البَطّ فِي الدَّار لأتى اللصوص، وَقَوْل الرَّجُل لِصَاحِبِهِ:
ما شَاءَ اللهُ وشئتَ، وَقَوْل الرَّجُل: لولا الله وفلان، هَذَا كله شركٌ» ([1]). انتهى.
****
ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فَسَّرَ هَذِهِ
الآيَةَ من سُورَة «البَقَرَة»: ﴿فَلَا
تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾
فَسَّرَهَا بالشرك الأَصْغَر، «لولا الله
وأنت»، «لولا البَطُّ لأتى اللصوص»
فجعله مِمَّا تشمله الآيَة، فالآية تَشْمَل الشِّرْك الأَكْبَر والشِّرْكَ
الأَصْغَر، ﴿فَلَا
تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا﴾
يَعْنِي: فِي الشِّرْك الأَكْبَر والأصغر، وَكَذَا فِي الحَدِيث السَّابِق قَوْله
صلى الله عليه وسلم: «أَجَعَلْتَنِي
لِلَّهِ نِدًّا»، فالشرك الأَصْغَر أَيْضًا تنديد، فابن عَبَّاس فَسَّرَها
بالشرك الأَصْغَر لأَِنَّهَا تشمله.
قَوْله:
«الأَنْدَاد أَخْفَى من دبيب النَّمْل
عَلَى صفاة سوداء فِي ظُلْمَة اللَّيْل»؛ لأنه يأتي بعبارات لا ينتبه لها
النَّاس، فَهِيَ خفية؛ وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ بَعْض النَّاس بالشرك الخَفِيّ؛ لأنه «أَخْفَى من دبيب النَّمْل عَلَى صفاة سوداء
ظُلْمَة اللَّيْل» وَهَذَا خطير وَهُوَ لا ينتبه لَهُ النَّاس.
قَوْله: «وحياتك يا فلان» هَذَا حلفٌ بِغَيْر الله، وَهُوَ شركٌ.
([1]) برقم (229).
الصفحة 5 / 327