ولهما عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ،
يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا، فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ» ([1]).
ولهما عَنْهُ
مرفوعًا: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ
يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ» ([2]).
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ
عَن أبي الهياج الأَسْدِيِّ قَالَ: قَالَ لي عَلِيٌّ رضي الله عنه: «أَلاَ
أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ
لاَ تَدَعَ صُورَةً إلاَّ طَمَسْتَها، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ»
([3]).
****
قَوْله: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ» هَذَا عموم سَوَاء صوَّرَ بالقلم
والرسم أو صَوَّرَ بالنحت والبناء أو صَوَّرَ بالآلة الكهربائية؛ لأن هَذَا عموم
لا يَخرُج مِنْهُ شَيْء؛ فالذين يحاولون أَنْ يَقُولُوا: إن التصوير الفوتوغرافي
لَيْسَ بتصويرٍ؛ هَذِهِ محاوَلةٌ فاشلةٌ، فَهُوَ تصويرٌ، بِدَلِيل أنكم أنتم تقولون:
إنه تصويرٌ، وَمَا دام أنه تصويرٌ فَهُوَ حرامٌ، فَلَيْسَ العِبْرَة بالوسيلة
الَّتِي توجَد بها الصُّورَة، وَإِنَّمَا العِبْرَة فِي وجود الصُّورَة واقتناء
الصُّوَر بِأَيِّ شَيْء سَوَاء بُنِيَت أو رُسِمَت أو الْتُقِطَت هَذِهِ
الصُّورَة؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ
مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ»، فَلاَ يُستَثْنَى أَحَدٌ مِن المصوِّرِين.
هَذَا وعيدٌ شديدٌ، فالله جل وعلا هُوَ الَّذِي يَخلُق الصُّوَر ويَنفُخ فِيهَا الأَرْوَاحَ فتحيا بِإِذْنِ اللهِ، وَهَذَا المصوِّر الَّذِي يُحاوِل أن يُشارِكَ اللهَ فِي خَلقِه
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2225)، ومسلم رقم (2110).
الصفحة 3 / 327