×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ولو رُمْتَ حَصْرَ ذَلِكَ عَلَى التَّمَام لجاء فِي مُؤلَّفٍ بسيط، فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا المِقْدَار، ونَتكَلَّم عَلَى حُكْمِ ما يَفعَلُه القُبُورِيُّونَ من الاستِغَاثَة بالأموات، ومناداتهم لقضاء الحَاجَات، وتشريكهم مَعَ الله فِي بَعْض الحالات، وإفرادهم بِذَلِكَ فِي بَعْضهَا.

فنقول: اعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَم يَبعَث رُسُلَهُ ويُنَزِّل كُتُبَه لتعريف خَلقِه بأنه الخَالِق لَهُم والرازق لَهُم، ونحو ذَلِكَ، فإن هَذَا يُقِرُّ به كلُّ مُشْرِكٍ قبل بعثة الرُّسُل،

****

والأمثلة عَلَى هَذَا كَثِيرَةٌ، ذَكَرَ ابْنُ القَيِّمِ - فِي كتابيه: «إغاثة اللهفان، وإعلام الموقعين» - تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مِثَالاً لِسَدِّ الذَّرَائِعِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

 قَوْله: «ولو رُمْتَ حَصْرَ ذَلِكَ عَلَى التَّمَام لجاء فِي مُؤلَّفٍ بسيطٍ» فابن القيم رحمه الله ذَكَرَ مِنْهَا تِسْعَةً وتِسْعِينَ مِثَالاً، ولو أُفرِدَت هَذِهِ الأمثلة لَأَصبَحَت كِتَابًا مُستَقِلًّا.

التَّوْحِيد نوعان: الأَوَّل: تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة، وَهُوَ تَوْحِيد الله بأفعاله سُبْحَانَهُ؛ مِن الخَلق والرزق والإحياء والإماتة والتقدير والتدبير، وَهَذَا يُقِرُّ به كل المخلوقين، لا يُنكِره إلاَّ مكابرٌ، وسيَذكُر المُؤَلِّفُ أَمْثِلَةً فِي القُرْآن تَدُلُّ عَلَى أن المُشرِكِين يُقِرُّون به ولا يُنكِرُونه. الثَّانِي: تَوْحِيد الأُلُوهِيَّة، وَهُوَ إفراد الله بِالعِبَادَةِ، وَهَذَا أَنكَرَه أَكْثَرُ الخَلقِ، وَجَاءَت الرُّسُل بالدعوة إِلَيْهِ: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ [المُؤْمِنُون: 23]، ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ [الأَنْبِيَاء: 25] أي: لا معبود بِحَقٍّ ﴿إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ [الأَنْبِيَاء: 25]. كل الرُّسُل جَاءوا


الشرح