×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ [الزُّخْرُف: 87]، ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ [الزُّخْرُف: 9]، ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ [يونس: 31]،

****

 قَوْله: «فإن هَذَا يُقِرُّ به كلُّ مُشْرِكٍ قبل بعثة الرُّسُلِ»؛ يَعْنِي: تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ [الزُّخْرُف: 87]؛ يَعْنِي: لئن سَأَلْتَ المشركين: مَن الَّذِي خَلَقَهم؟ ليقولن: الله.

 قَوْله: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ [الزُّخْرُف: 9]: فَلاَ يَقُولُونَ: خَلَقَها البَدَوِيُّ، أو خَلَقَها عَلِيُّ بْن أبي طالبٍ، أو الحُسَيْنُ، أو عبدُ القَادِرِ، لا يستطيعون أَنْ يَقُولُوا هَذَا، قَالَ تَعَالَى مُتَحَدِّيًا المشركِين: ﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ [فَاطِر: 40] يتحداهم بِذَلِكَ؛ فهم يَعبُدون مَن لا يَخلُق ولا يَرزُق.

وَكَذَلِكَ قَوْله: ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ [يُونُس: 31] فالمشركون مُقِرُّون بتوحيد الرُّبُوبِيَّة، وأن الأَصْنَام والقبور لا تَرزُق، إِنَّمَا الرَّزَّاق هُوَ الله جل وعلا.

قَوْله: ﴿أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ [يُونُس: 31] لو أَرَادَ الله أن يَنزعَ سَمْعَكَ أو بَصَرَكَ فمن الَّذِي يَرُدُّه؟ لا يمكن أن يَرُدَّه أَحَدٌ، ﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمۡعَكُمۡ وَأَبۡصَٰرَكُمۡ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِهِۗ [الأَنْعَام: 46]، فَلاَ يَقدِر عَلَى رَدِّ البَصَرِ إلاَّ الله جل وعلا، فلو جئتَ بمهرة الأَطِبَّاء ليعيدوا البَصَرَ؛ ولِيُحَوِّلوا الأَعْمَى إِلَى بَصِيرٍ لا يستطيعون،


الشرح