×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

بل بَعَثَ اللهُ رُسُلَه وأَنزَلَ كُتُبَه لِإِخْلاَص توحيده وإفراده بِالعِبَادَةِ، ﴿يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ [الأَعْرَاف: 59]، ﴿أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۚ [هُود: 2]، ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ [نُوح: 3]، ﴿قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا [الأَعْرَاف: 70]،

****

  وَقَوْله: «بل بَعَثَ اللهُ رُسُلَهُ وأَنزَلَ كُتُبَه لِإِخْلاَص تَوْحِيده وإفراده بِالعِبَادَةِ» هَذَا الَّذِي أَرْسَلَ اللهُ به الرُّسُلَ؛ أنها تُطالِب الخَلقَ بإفراد الله بِالعِبَادَةِ ولا تُطالِبُهم بالإقرار بالربوبية؛ لأَِنَّهُم يُقِرُّون بها، لن يَدخُلوا فِي الإِسْلاَم حَتَّى يَعبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، فتوحيد الرُّبُوبِيَّة إِنَّمَا هُوَ مُوَصِّلٌ لتوحيد الأُلُوهِيَّة.

قَوْله: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ [الأَعْرَاف: 59]، كل رَسُول يَقُول لقومه: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ فلم يقولوا: يا قوم أَقِرُّوا بِأَنَّ اللهَ هُوَ الرَّبُّ وأنه هُوَ الخَالِق، فَلاَ أَحَدَ مِن الرُّسُل طالَب بِهَذَا؛ لأنه مَوْجُودٌ فِيهِم، إِنَّمَا يُطالِبُون بِالعِبَادَةِ.

قَوْله: ﴿أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۚ [هُود: 2]، ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ [الإِسْرَاء: 23]، فالرسل يَقُولُونَ لقومهم: ﴿أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ [هُود: 2] كما قَالَهَا نُوح عليه السلام ومَنْ بَعْدَه من الرُّسُل، لم يقولوا: أَقِرُّوا لله بالربوبية، فتوحيد الرُّبُوبِيَّة مَوْجُودٌ فِيهِم، ولا يُغنِي شَيْئًا إِذا اقتُصِرَ عَلَيْهِ.

قَوْله: ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ [نُوح: 3]، كما قاله نُوح عليه السلام لقومه.

قَوْله: ﴿قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا [الأَعْرَاف: 70] يَقُول الكُفَّار لِلرَّسُولِ: ﴿أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَهَذَا دَلِيل عَلَى أن الرُّسُل طالَبوا بِعبَادَة الله وحده وتَرْكِ الشِّرْك.


الشرح