وَمَا عدا ديار اليَمَن فالأمر فِيهَا أَطَمُّ
وأَعَمُّ، فَفِي كل قرية ميت يَعتقده أهلها وينادونه، وفي كل مَدِينَة جَمَاعَة
مِنْهُمْ، حَتَّى إِنَّهُم فِي حَرَمِ الله ينادُون: يا ابْن عَبَّاس! يا محجوب!
فما ظَنُّكَ بِغَيْر ذَلِكَ! فَلَقَد تَلَطَّفَ إِبْلِيس وجنوده - أخزاهم الله -
لغَالِب أهل الملة الإِسْلاَمِيَّة بلطفة تُزَلزِلُ الأَقْدَام عَن الإِسْلاَم؛
فإنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون.
****
قَوْله:
«كاذب عَلَى نفسه» فلولا أنه يَعتقد
فِي هَذَا المَيِّت أنه يَنفع ويَضر ما نَادَاه ولا ذَهَبَ إِلَيْهِ.
قَوْله:
«ومن أَنكَرَ حُصُول النداء للأموات...»؛
أي: عَلَيْهِ أن يُبيِّن لَنَا ما مَقْصُود هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُنادُون
هَؤُلاَءِ الأَمْوَات، ما مقصودهم؟ إلاَّ أَنَّهُم يَعتقدون فِيهِم أَنَّهُم
يَنفعون ويَضرون، وإلا لما أَتعَبُوا أنفسَهم وذَهبُوا إِلَيْهِمْ.
قَوْله: «وَمَا عدا ديار اليَمَن فالأمر فِيهَا أَطَمُّ وأَعَمُّ» أي ما عدا
ما عِنْدَ الشَّيْخ فِي اليَمَن، مِمَّا يَعرفه من قومه، وَمَا عِنْدَ غَيرهم
أَشَدُّ وأَطَمُّ، وَهَذَا صَحِيحٌ، فما فِي الحِجَاز فِي وَقتِهِ، وَمَا فِي
الشَّام وَمِصْر شَيْءٌ مَعْلُومٌ ولا يُنكِرُه إلاَّ مكابِرٌ، ومن يُرِيد أن
يَطَّلِعَ فَلْيَذْهَبْ ويَرَى عِنْدَ البَدَوِيِّ، أو عِنْدَ الحُسَيْن، أو يَذهب
للعراق ويَرى المشاهد، ومَراقِد الأَئِمَّة مَاذَا يُصنَع عِنْدَهَا، ويَذهب إِلَى
كربلاء، وَكَذَا فِي مقام عبد القَادِر الجيلاني، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله.
قَوْله: «فَفِي كل قرية يَعتقده أهلها ويُنادُونه» بل لا يَستريحون ولا يَستقِرون إلاَّ إِذا صَارَ فِي بَلَدهم ضريح، فَالبَلَد الَّذِي لَيْسَ فيه ضريح