×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فرارًا عَن أن يَلزمَكَ ما لَزِمَ عُبَّادَ الأَوْثَان الَّذِينَ حكى اللهُ عَنْهُم فِي كِتَابه العَزِيز ما حَكَاهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ نَصِيبٗا فَقَالُواْ هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ [الأَنْعَام: 136]، وبقوله: ﴿وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ تَٱللَّهِ لَتُسۡ‍َٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ [النَّحْل: 56].

****

 فهم موجودون فِي كل مَكَان وَلَيْسَ فَقَط عِنْدَ القبر، فالفقر قَد يَكُون فِي جيرانك الَّذِينَ حَوْلَكَ أو الَّذِينَ فِي بلدك، اذْبَحْ وتَصدَّقْ عَلَيْهِمْ باللحم، انذِرْ لله واعْطِهِم النَّذْرَ، فَلاَ تَذهَب للقبر.

قَوْله: «وفِعلك وأنت عاقلٌ لا يَكُون إلاَّ لِمَقْصِدٍ قَد قَصدتَه»، العَاقِل لاَ بُدَّ أنه يَقصِد ما فَعَلَه وينوي ما فَعَلَه، أَمَّا المَجْنُون فإنه يَفْعَل بدون قصدٍ.

قَوْله: «وإلا فـأنت مجنون قَد رُفِعَ عنك القَلَمُ»، ولا أَحَد يَرضى أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَنْت مجنونٌ، مَعَ أنه يَقُول: أنا ما قَصَدتُ، فَهُوَ يَفْعَل ولا يَقصِد؛ ففِعْلُه فِعل المَجْنُون وَهُوَ يُنْكِر وَصْفَه بالجنون.

 وَقَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ نَصِيبٗا فَقَالُواْ هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ [الأَنْعَام: 136]، قَد كَانُوا فِي الجَاهِلِيَّة يَجعلون للأصنام نصيبًا مِن زُرُوعهم أو مِن بهائمهم، ويَجعلون لله نصيبًا مِنْهَا أَيْضًا، فَإِذَا أَتَى السَّيْلُ أو حادثةٌ وأَتلَفَت ما لله، قَالُوا: الله غنيٌّ عَن هَذَا، وَإِذَا جَاءَت الحادثة وأَتلَفَت ما للضريح أو للقبر، أَخَذُوا الَّذِي جَعَلُوه لله وجَعَلُوه للضريح، ويقولون: الله غنيٌّ عَنْهُ وَهَذَا محتاجٌ لَهُ، كما قَالَ الله جل وعلا: ﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ


الشرح