×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وَهَكَذَا مَن قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» مُتشَهِّدًا بها شَهَادَةَ الإِسْلاَم، وَلَمْ يَكُن قَد مَضَى عَلَيْهِ من الوقت ما يَجِب فيه شَيْء من أَرْكَان الإِسْلاَم، فالواجب حَملُه عَلَى الإِسْلاَم، عَمَلاً بما أَقَرَّ به لِسَانُه، وَأَخْبَر به مَن أَرَادَ قِتالَه؛ وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم لأسامة بْن زَيْد ما قَالَ.

وَأَمَّا من تَكَلَّمَ بِكَلِمَة التَّوْحِيد، وفَعَلَ أفعالاً تخالِف التَّوْحِيد؛ كَاعْتِقَاد هَؤُلاَءِ المُعْتَقدين فِي الأَمْوَات، فَلاَ رَيْبَ أنه قَد تَبيَّنَ مِن حَالِهم خِلاَف ما حَكَتْهُ ألسنَتُهم من إقرارهم بالتَّوحِيد.

****

  وَقَوْله: «وَهَكَذَا من قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ...» إِذا قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، فإنه يُنظَر فيه، فإن استقام عَلَيْهَا وأقام الصَّلاَة وَآتَى الزَّكَاة وصلى وصام، وَحَجَّ بَيْت الله مَعَ الاستطاعة فَهُوَ مُسْلِم، وإن أَبَى أو جَحَدَ أو تَرَكَ ركنًا من أَرْكَان الإِسْلاَم متعمِّدًا؛ فإنه لم يَستَقِم عَلَى «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، فَقَوْل: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» مقيَّد بقيود، مِنْهَا ما فِي هَذَا الحَدِيث: أنه لاَ بُدَّ أن يُقِيم الصَّلاَة، ويؤتي الزَّكَاة، ويصوم رمضان، ويأتي بأركان الإِسْلاَم، فَهَذَا قَيْدٌ فِي حُكمِ من قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» أنه إِذا مَضَى عَلَيْهِ وقتٌ يتمكن فيه من الإِتْيَان بأركان الإِسْلاَم.

وَكَذَلِكَ من قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» ثُمَّ مَاتَ فِي الحَال أو قُتِلَ، وَلَمْ يتمكن من العَمَل فإنه يُحكَم بِإِسْلاَمِهِ ويعامَل مُعَامَلَةَ المُسْلِمِينَ: فيُغَسَّل ويُكَفَّن، ويُصَلَّى عَلَيْهِ، ويُدفَن فِي مقابر المُسْلِمِينَ.

قَوْله: «فَلاَ رَيْبَ أنه قَد تَبَيَّنَ مِن حَالِهم خِلاَف ما حَكَتْهُ ألسِنَتُهم من إقرارهم بالتَّوحِيد»، فمَن قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» وخالَفَها بأفعاله بالشرك بالله، والذبح لغير الله، وَالنَّذْر لغير الله، والاستِغَاثَة بالأموات،


الشرح