×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

قلتُ: لا شَكَّ أن مَن قَالَ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ مِن أفعاله ما يُخالِف مَعْنى التَّوْحِيد؛ فَهُوَ مُسْلِم محقون الدَّم والمال إِذ جَاءَ بأركان الإِسْلاَم المَذْكُورَة فِي حَدِيث: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَيَحُجُّوا الْبَيْتَ، وَيَصُومُوا رَمَضَانَ» ([1]).

****

 والاستِغَاثَة بِغَيْر الله وغير ذَلِكَ من أنواع العِبَادَات، فهؤلاء لَيْسُوا مِثْل هَذَا الرَّجُل الَّذِي قَتَلَه أسامةُ، فالرجل الَّذِي قَتَلَهُ أسامةُ لَم يَظْهَر مِنْهُ شَيْءٌ يخالِفها، فقد استَعجَلَ أسامةُ رضي الله عنه وَقَتَلَهُ، وهذه قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ، أن من قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» يُكَفُّ عَنْهُ ويُحكَم لَهُ بِالإِسْلاَمِ، فإن تَبَيَّنَ مِنْهُ ما يناقِضها حُكِم بِرِدَّتِه، وهذه قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الإِسْلاَم.

 قَوْله: «قلتُ» هَذَا الجَوَاب عَن هَذِهِ الوَقَائِع وَالأَحَادِيث.

قَوْله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ...» الحَدِيث، فلم يَكتَفِ صلى الله عليه وسلم بقولهم: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» بل قَالَ: «وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَيَحُجُّوا الْبَيْتَ، وَيَصُومُوا رَمَضَانَ»؛ أي: يأتون بأركان الإِسْلاَم، أَمَّا لو أَنَّهُم قَالُوا: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» وَأَبَوْا أن يُصَلُّوا، أو أن يَدفَعُوا الزَّكَاة أو أَبَوْا أن يصوموا رمضان أو أَبَوْا أن يحجوا حجة الإِسْلاَم، فإنه لا يُحكَم ببقائهم عَلَى الإِسْلاَم، بل يُحكَم بأنهم مُرْتَدُّونَ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (25).