ومنه قَوْله صلى الله عليه وسلم لأسامة بْن زَيْد
رضي الله عنهما لَمَّا قَتَلَ رجلاً من الكُفَّار، بَعْدَ أَن قَالَ: «لاَ إِلَهَ
إلاَّ اللهُ»، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «فما تَصنَع بِـ لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللهُ؟»، فَقَالَ: يا رَسُول الله، إِنَّمَا قَالَهَا تَقِيَّةً، فَقَالَ: «هَل
شَقَقْتَ عَن قَلبِهِ؟». هَذَا مَعْنى الحَدِيث، وَهُوَ فِي الصَّحِيح ([1]).
****
قَوْله: «ومنه قَوْله صلى الله عليه وسلم لأسامة بْن زَيْد رضي الله عنهما لَمَّا
قَتَلَ رجلاً من الكُفَّار...»، هَذَا الحَدِيث فِي الصَّحِيح، أن جَمَاعَة من
الصَّحَابَة غَزَوْا قومًا من الحُرْقَة، بِأَمْر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم،
فَصَبَّحُوهم ونَصَرَهُم اللهُ عَلَيْهِمْ، وفَرَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فلَحِقَهُ
أسامةُ بْن زَيْدٍ وأحدُ الأَنْصَار، فَلَمَّا أَدْرَكُوهُ قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، فَكَفَّ
عَنْهُ الأَنْصَارِيُّ، وَقَتَلَهُ أسامةُ بْن زَيْدٍ بعدما قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ الله»، فَلَمَّا
قَدِمُوا عَلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرُوهُ، فعَتَبَ عَلَى أسامة
وغَلَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: «يا
أُسامةُ أَقَتَلْتَهُ بعْد ما قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ؟»، قَالَ: «كَانَ مُتَعَوِّذًا» أي: قَالَهَا
يَتَّقِي بها السَّيْفَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «هَلاَّ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ، فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِـ «لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللهُ»، إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا،
حَتَّى قَالَ أُسَامَة: «تَمَنَّيْتُ
أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ» ([2])،
مِن نَدَمِهِ عَلَى ما فَعَلَ.
وَهَذَا يدل عَلَى القَاعِدَة: أن من قَالَ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» فإنه يُكَفُّ عَنْهُ ويُحكَم بِإِسْلاَمِهِ، فإن تَبَيَّنَ مِنْهُ ما يناقِض «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» حُكِم بكفره، والحاصل من عُبَّاد القبور، أَنَّهُم يقولونها وَلَكِن يَظْهَر من أفعالهم ما يناقِض «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، من الذَّبْح لغير الله، وَالنَّذْر لغير الله،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4269)، ومسلم رقم (96).