×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فَهُوَ فِي قَوْله: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» كاذب عَلَى نفسه، فإنه قَد جَعَلَ إلهًا غير الله يَعتقد أنه يَضر ويَنفع، فعَبَدَه بِدُعَائِهِ عِنْدَ الشَّدَائِد، والاستِغَاثَة به عِنْدَ الحَاجَة، وبخضوعه لَهُ وَتَعْظِيمه إِيَّاهُ، ونَحَرَ لَهُ النحائر، وقَرَّبَ إِلَيْهِ نفائس الأَمْوَال.

وَلَيْسَ مُجَرَّد قَوْله «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» من دون عملٍ بِمَعْنَاهَا مُثبِتًا للإسلام، فإنه لو قَالَهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الجَاهِلِيَّة، وعَكَفَ عَلَى صنمه يَعبُده لَمْ يَكُن ذَلِكَ إسلامًا.

****

 خَاصَّةً فيُطلَب مِنْهُمْ ما يَقدِرون عَلَيْهِ، أَمَّا الأَمْوَات فَلاَ يُطلَب مِنْهُمْ شَيْءٌ أَبَدًا؛ لأَِنَّهُم لا يَقدِرون عَلَى شَيْءٍ.

قَوْله: «فقد نَزَّلَهم مَنْزِلَة الآلِهَة» الآلِهَة الَّتِي يُذبح لها ويُنذر لها وتُدعى ويُستغاث بها، فهم نَزَّلُوا القبور مَنْزِلَة الآلِهَة «الَّتِي كَانَ المُشْرِكُونَ يَفعلون لها هَذِهِ الأفعال» فَهُم الْتَقَوْا مَعَ المشركين فِي الفِعْل تَمَامًا وإن خالَفوهم فِي مُجَرَّد النطق بـ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، وَهَذَا نُطقٌ فارغٌ من المَعْنى لا يَنفعهم شَيْئًا.

قَوْله: «بل خَالَفَها اعْتِقَادًا وعَمَلاً»؛ أي خَالَفَ القبوريُّ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» اعْتِقَادًا بقلبه، وعملاً بأفعاله، فَهِيَ لا تَنفعه ولا تُدخِله فِي الإِسْلاَم.

 قَوْله: «فَهُوَ فِي قَوْله: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» كاذب عَلَى نفسه»؛ لأنه متناقض، كيف يَقُول: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» ثُمَّ يَدْعُو غير الله، ويستغيث بِغَيْر الله، ويَذبح لغير الله.


الشرح