وَجَمِيع هَذِهِ الطَّوَائِف الثَّلاَث
يَتَكَلَّمُونَ بِكَلِمَة التَّوْحِيد؛ بل لم تَنفع الخَوَارِج فإنهم مِن أَكمَلِ
النَّاس توحيدًا، وأَكثَرِهم عبَادَةً، وَهُم كِلاَبُ النَّارِ،
****
وَكَذَلِكَ:
«وللمنافقين مع أَنَّهُم يكذبون بالدين»،
أي: لَكَانَ المُنَافِقُون مؤمِنِين حَقًّا ويَدخُلون الجنَّة مَعَ أَنَّ اللهَ
قَالَ فِيهِم: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ
فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ﴾
[النِّسَاء: 145]، وَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡكَٰفِرِينَ
فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾
[النِّسَاء: 140]، وهم يَقُولُونَ: «لاَ
إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، بل يُصَلُّون مَعَ المُسْلِمِينَ ويُزَكُّون،
ويُجَاهِدون مع المُسْلِمِينَ ظَاهِرًا، وقلوبهم مُنكِرةٌ - وَالعِيَاذُ بالله-، و
﴿يَقُولُونَ
بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ﴾
[الفَتْح: 11]، فليسوا مؤمنين، بل هُم شر من الكُفَّار، وتحت الكُفَّار فِي جهنم.
قَوْله: «وَجَمِيع هَذِهِ الطَّوَائِف الثَّلاَث» الَّذِينَ هُم: اليهود،
والنصارى، والمنافقون، «يَتَكَلَّمُونَ
بِكَلِمَة التَّوْحِيد»، وَلَكِنَّهُم يخالفونها.
وَكَذَلِكَ: «بل لَم تَنفَع الخَوَارِجَ»، وهم قومٌ خَرَجُوا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أبي طالِبٍ رضي الله عنه وغَلَوْا فِي الدِّين، وكفَّروه وكفَّروا الصَّحَابَة، واستَحَلُّوا دماء المُسْلِمِينَ، فقاتَلَهم عَلِيّ رضي الله عنه؛ عَمَلاً بِأَمْر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِيهِم، وكَسَرَ شوكتهم، وَأَبْطَلَ كيدهم، هَكَذَا كُلَّمَا ظَهَرَ لَهُم قرن قُطِع إِلَى أن تقوم السَّاعَة، لأَِنَّهُم يُكفِّرون المُسْلِمِينَ، ويقاتِلون المُسْلِمِينَ ولا يقاتِلون الكُفَّار، كما فِي الحَدِيث الصَّحِيح: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِْسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَْوْثَانِ» ([1])، فالخوارج لا يقاتِلون الكُفَّارَ، وَإِنَّمَا يقاتِلون المؤمنين، كما أَخْبَرَ عَنْهُم الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3344)، ومسلم رقم (1064).