وَقَد أَمَرَنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
بِقَتلِهم مَعَ أَنَّهُم لم يُشرِكوا بالله، ولا خالَفوا مَعْنى «لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللهُ»، بل وحَّدوا توحيده، وَكَذَلِكَ المانعون لِلزَّكَاةِ هُم مُوحِّدون لم
يُشرِكوا،
****
قَوْله:
«فإنهم مِن أَكْمَلِ النَّاس توحيدًا»
فالخوارج لَيْسَ عِنْدَهُم شركٌ، ولا يَعبُدون القبور، ولا يَدْعُون إلاَّ الله،
هَذَا مَعْرُوفٌ عَنْهُم، ويجتهدون فِي الصَّلاَة، وَالصِّيَام، وَالعِبَادَة،
وَلَكِن عَلَى غير هُدى، فما نَفعَهم ذَلِكَ مَعَ الغُلُوِّ، فقد أخبر عَنْهُم صلى
الله عليه وسلم بأنهم كلاب النَّار.
وَقَوْله:
«وهم كلاب النَّار»، جَاءَ فِي
الحَدِيث: «الْخَوَارِجُ كِلاَبُ
النَّارِ» ([1])،
مَعَ أَنَّهُم يَشهَدون أن لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وأن مُحَمَّدًا رَسُول الله،
لَكِنَّهُم يتشددون فِي العِبَادَة، يَقُول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِيهِم: «تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ،
وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرَءُونَ
الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ» ([2])،
مَعَ أَنَّهُم يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ
إلاَّ اللهُ»، فما نَفعَتهم «لاَ
إِلَهَ إلاَّ اللهُ» لَمَّا خالَفوها وَلَمْ يلتزموا بها.
قَوْله: «وَقَد أَمَرَنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِقَتلِهم»، حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ في قَتْلَهُمْ أَجْرا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([3])، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» ([4])، مَعَ أَنَّهُم يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ الله».
([1]) أخرجه: ابن ماجه (173)، وأحمد رقم (19130)، والطبراني في «الكبير» رقم (8041).