من الأَوْلِيَاء والصالحين الَّذِينَ
يَتَعَلَّقُ بهم القُبُورِيُّونَ، فبُطلان عبَادَة القبوريين للصالحين من بَاب
أولى.
قَوْله: «وَقَد نَهَى أُمَّتَهُ أن تَغْلُو فيه كما
غَلَتِ النصارى فِي عيسى عليه السلام » كما فِي الحَدِيث الصَّحِيح الَّذِي
قَالَ فيه صلى الله عليه وسلم: «لاَ
تُطْرُونِي» يَعْنِي: لا تَغْلُو فِيَّ، «كَمَا
أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُ
اللهِ وَرَسُولُهُ» ، فنَهَى أُمَّتَهُ أن تَقَعَ فِيمَا وَقَعَت فيه
النصارى مِن الغُلُوِّ فيه صلى الله عليه وسلم، وَأَخْبَرَ عَن نَفسِهِ أنه عَبْدُ
اللهِ عز وجل، وَلَيْسَ شريكًا لله عز وجل، فَهَذِهِ مقالة الأَنْبِيَاء -
عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - لِمَن عَبَدَهم مِن دون الله عز وجل،
فَكَيْفَ بالأولياء والصالحين؟! وَالرَّسُول مَنَعَهم من أَلْفَاظٍ أَصلُها
جَائِزٌ، وَلَكِن لَمَّا كَانَت وسيلة إِلَى الغُلُوِّ مَنَعَهم مِنْهَا، وَذَلِكَ
لَمَّا كَانَ هُنَاك مُنَافِقٌ يؤذي المؤمنين، فَقَالَ أَحَدُهم: «قُوموا نسْتغيثُ بِرَسُول الله صلى الله
عليه وسلم من هَذَا المُنَافِق»، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُستغاث بي وَإِنَّمَا يُستغاث بالله»
، مَعَ أن الاستِغَاثَة بالمخلوق القَادِرِ الحَيِّ
جَائِزَةٌ، قَالَ تَعَالَى عَن موسى عليه السلام: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي
مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾ [القَصَص: 15]، فالاستِغَاثَة بالمخلوق فِيمَا يَقْدِرُ
عَلَيْهِ جَائِزَةٌ، وهم طَلَبُوا مِنْهُ شَيْئًا جَائِزًا أن يَدحَض أو يَردَعَ
المُنَافِقَ لئلا يُؤذِيَهم، وَيَمنَعه من ذَلِكَ، وَلَكِن لفظة: «نسْتغيثُ بِرَسُول الله صلى الله عليه وسلم
»، الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مَنَعَهم مِنْهَا خَشْيَةً عَلَيْهِمْ من
الشِّرْك والغُلُوِّ، وَهَذَا مِن سَدِّ
الشرح