×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وَلَمْ يَمْتَثِلُوا ما ذَكَرَهُ الله - سُبْحَانَهُ - فِي كِتَابه العَزِيز من قَوْله: ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ [آلَ عِمْرَانَ: 128] ومِن قَوْله: ﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلدِّينِ ١٧ثُمَّ مَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلدِّينِ ١٨يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ ١٩ [الاِنْفِطَار: 17- 19]،

****

 الذَّرَائِعِ، ولَمَّا جَاءَه وفدٌ من العَرَب وَقَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، وَيَا خَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا»، فَقَالَ لَهُم صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ، السَّيِّدُ الله تبارك وتعالى، وَإِنَّمَا أنا عَبْدُ اللهِ ورسولُه» ([1])، فمَنَعَهم أَنْ يَقُولُوا: سَيِّدنا، مَعَ أنه سَيِّدُ البَشَرِ، كما قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ» ([2])، وَمَعَ هَذَا خَشِيَ عَلَيْهِمْ مِن الغُلُوِّ، فنَهَاهم عَن أَنْ يَقُولُوا هَذِهِ الكَلِمَة: «يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا».

قَوْله: «وَلَمْ يَمتَثِلوا أَمْرَهُ»؛ أي: لم يَمتَثِل هَؤُلاَءِ القُبُورِيُّونَ أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم، فلم يَمْتَنِعُوا من الغُلُوِّ فِي حَقِّهِ مِثلَمَا غَلَتِ النصارى.

 والله جل وعلا قَالَ لرسوله مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ [آلَ عِمْرَانَ: 128] وَذَلِكَ أنه لَمَّا قَنَتَ يَدْعُو عَلَى المشركين وَقَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا» ([3]) أناس سَمَّاهُم بِأَسْمَائِهِم، فَقَالَ الله جل وعلا: ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ [آلَ عِمْرَانَ: 128]، وَقَد أَسْلَمَ هَؤُلاَءِ وحَسُنَ إسلامهم، وصاروا من المجاهِدين فِي سَبِيل الله عز وجل، فَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَهُ من الأَمْر شَيْء، فَلاَ يُدْعَى مَعَ الله،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4808)، وأحمد رقم (13529)، وابن حبان رقم (6240).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (4808)، وأحمد رقم (13529)، وابن حبان رقم (6240).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (4560).