شَآءَ ٱللَّهُۚ وَلَوۡ كُنتُ
أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوٓءُۚ
إِنۡ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ﴾ [الأَعْرَاف: 188]، فَأَمَرَهُ اللهُ أن يُعلِنَ هَذَا،
أنه لا يَملِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا ولا ضَرًّا، فَكَيْفَ يَملِكُ لِغَيرِهِ،
وَإِذَا كَانَ هَذَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: ﴿قُل لَّآ أَمۡلِكُ
لِنَفۡسِي نَفۡعٗا وَلَا ضَرًّا﴾
[الأَعْرَاف: 188]، فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ من الأَوْلِيَاء والصالحين؟!
ولَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشُّعَرَاء: 214]، قام صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا» ([1])، صفية بنت عبد المطلب عمة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وأم الزُّبَيْر بْن العَوام، فَإِذَا كَانَ لا يَملك لهؤلاء شَيْئًا فَكَيْفَ يَملك لِغَيْرِهِم، هَذَا إنذارٌ، فأَنذَرَهُم أن يَتَّكِلُوا عَلَى قَرَابَتِهِم من الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بدون عملٍ صالحٍ، فالقرابة لا تَنفع بدون عملٍ صالحٍ، لا يَنفَع إلاَّ العَمَلُ الصَّالِحُ، ولو كَانَ قريبًا من الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فإبراهيم عليه السلام لم يَملك لأَِبِيهِ شَيْئًا، ونوح عليه السلام لم يَملك لاِبْنِهِ شَيْئًا، فَلاَ يُنجِّي الإِنْسَانَ يَوْمَ القِيَامَة إلاَّ عَمَلُهُ الصَّالِحُ، ولا تُنقِذُه قَرَابَتُهُ مِن الأَنْبِيَاء.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2753)، ومسلم رقم (206).