×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وهم أهل كِتَاب، عُلَمَاء، وأَمَرَه أن يَدعُوهم، يَدْعُو العُلَمَاء؟ نعم، يَدْعُو العُلَمَاء، فَكَيْفَ بالجهال الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُم عِلم؟

قَوْله: «وَذَلِكَ لا لِكَوْنِهِ خَفِيًّا فِي نَفْسِهِ، بل لإطباق الجُمْهُور عَلَى هَذَا الأَمْر»؛ وَذَلِكَ أنه إِذا تَرَكَ الشِّرْكَ، وَلَمْ يُنْكِر وَلَمْ يُعَلِّم الجُهَّالَ صَارَ هُوَ الدِّينَ، صَارَ الدِّينُ ما عَلَيْهِ النَّاس، ومَن يَتكَلَّم وَيُنْكِر عَلَيْهِ، يُقَال: أَنْتَ خارجيٌّ! أَنْتَ كَذَا وَكَذَا، ويصفونه بالأوصاف المُنفِّرة، وَلَكِن هَذَا لا يَضُرُّ، فالذي يُخلِص النية ويدعو إِلَى الله عَلَى بصيرة لا يَضرُّه كَلاَم النَّاس فيه، فيمضي فِي طَرِيقه ويحتسب الأَجْر، ويصبر عَلَى ما يناله من النَّاس، فكثير من العُلَمَاء لم يقوموا بما أوجب الله عَلَيْهِمْ؛ وَلِذَلِكَ فشا الجَهْل فِي النَّاس، وفي الأمَّة بسبب سكوت هَؤُلاَءِ، عَلَى أن من العُلَمَاء من يَجهَل العَقِيدَة الصَّحِيحَة، نعم، قَد يتعلم الفِقْه، والنحو، ويتعلم الأُصُول، ويتبحر فِي المعلومات، وَلَكِن التَّوْحِيد لا يهتم به، ولا يَعرف نواقض الإِسْلاَم، ولا يعرف أنواع الشِّرْك؛ لأنه لم يهتم به، وَيَأْخُذ عَقِيدَة كَعَقِيدَة الأشاعرة، أو عَقِيدَة المتكلمين، أو العَقَائِد الَّتِي لا تهتم إلاَّ بتوحيد الرُّبُوبِيَّة، ولا تذكر تَوْحِيد الأُلُوهِيَّة أَبَدًا، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ: إن التَّوْحِيد هُوَ الإِقْرَار بِأَنَّ اللهَ هُوَ الخَالِق، الرَّازِق، المدبِّر، المحي، المميت.. إِلَى آخِرِهِ ويقرِّرون هَذَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَهْلَكَ الأمَّةَ، وضَيَّعَ الدِّينَ.

قَوْله: «وَكَوْنهُ قَد شابَ عَلَيْهِ الكَبِير، وشبَّ عَلَيْهِ الصَّغِير، وَهُوَ يَرى ذَلِكَ ويَسمعه»، فيعود المعروف منكَرًا والمنكَر معروفًا، والسُّنة بِدْعَةً


الشرح