فإنه قَالَ: إنَّ كُفْرَ هَؤُلاَءِ المُعْتَقِدِين
للأموات هُوَ من الكُفر العِلْمِيِّ، لا الكُفر الجحوديِّ، ونَقَلَ ما وَرَدَ فِي
كُفر تارك الصَّلاَة، كما ورد فِي الأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وكُفر تارك الحَجِّ
فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَن كَفَرَ
فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [آلَ عِمْرَانَ:
97]، وكُفر من لَم يَحكُم بما أَنزَلَ الله كما فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَن
لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [المَائِدَة: 44]،
****
قَوْله: «فإنه قَالَ: إنَّ كُفْرَ هَؤُلاَءِ المُعْتَقِدِين للأموات هُوَ من
الكُفر العِلْمِيِّ، لا الكُفر الجحوديِّ»: لا يَلِيق بالصنعاني أنه يَقُول:
إن عبَادَة القبور من الكُفر العِلْمِيِّ، يَعْنِي الكُفر الأَصْغَر.
قَوْله:
«ونَقَلَ ما وَرَدَ فِي كُفر تارك
الصَّلاَة» يَكفُر عِنْدَ الجَمِيع لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «العَهْد الَّذِي بَيْننَا وبيْنهُمُ
الصَّلاَةُ فمنْ تَرَكَها فَقَد كَفَرَ» ([1])،
فَهُوَ يَكفُر عِنْدَ الجَمِيع، وَلَكِن هَل هُوَ كُفر أَكْبَر مُخرِج من المِلة،
أو كُفر أَصْغَر؟ قَوْلاَنِ:
الأَوَّل:
الجُمْهُور عَلَى أنه كُفر أَصغَر.
الثَّانِي:
قَوْل المحقِّقِين عَلَى أنه الكُفر الأَكْبَر.
قَوْله: «وكُفر تارك الحَجِّ» فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [آلَ عِمْرَانَ: 97] هَل هُوَ الكُفر الأَكْبَر، يَعْنِي مَن تَرَكَ الحَجَّ يَكفر الكُفرَ الأَكْبَرَ؛ أو هُوَ الكُفر الأَصْغَر؟ وَالتَّحْقِيق أنه إن تَرَكَ الحَجَّ جاحدًا لِوُجُوبِهِ فَهُوَ من الكُفر الأَكْبَر، وإن لم يَجحَد وُجُوبَه فَهُوَ من الكُفر الأَصْغَر.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2621)، النسائي رقم (463)، وابن ماجه رقم (1079)، وأحمد رقم (22937).