ونحو ذَلِكَ من الأَدِلَّة الواردة فيمن زَنَا،
ومن سَرَقَ، ومن أَتَى امرأةً حائضًا، أو امرأةً فِي دُبُرِها، أو أَتَى كاهنًا،
أو عرَّافًا، أو قَالَ لأخيه: يا كافر.
قَالَ: فَهَذِهِ
الأَنْوَاع من الكفر، وإن أَطلَقَها الشَّارِعُ عَلَى فِعل هَذِهِ الكبائر، فإنه
لا يَخرُج به العَبْد عَن الإِيمَان، ويُفارِق به المِلَّةَ، ويُباح به دَمُه
ومَالُه وأَهْلُه؛ كما ظَنَّه مَن لم يُفَرِّق بَين الكُفرَين، وَلَمْ يُمَيِّز
بَين الأَمْرَيْنِ، وذَكَرَ ما عَقَدَه البُخَارِيُّ فِي «صحيحه» من «كِتَاب
الإِيمَان»: بَاب كُفْران العَشِير، وكُفْر دون كفر،
****
قَوْله: «وكُفر مَن لم يَحكُم بما أَنزَلَ اللهُ كما فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ
فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [المَائِدَة: 44] »، هَذَا كُفرٌ عمليٌّ لا يُخرِج من
المِلة؛ لأنه قَد يَكُون قَد حَكَمَ لِهَوًى، أو لِمالٍ يأخذه، أو حَكَمَ
لِرَشوَةٍ أَخَذَهَا، وَهُوَ يَعتقد أنه يَجِب الحُكْم بما أَنزَلَ الله، فَهَذَا
كُفرٌ أصغر، أَمَّا إِذا حَكَمَ بِغَيْر ما أَنْزَلَ الله يَعتقد أنه أَحْسَنُ مِن
حُكم الله، أو أنه مساوٍ لِحُكم الله، أو أنه مُخَيَّر بَين أن يَحكُم بِالقُرْآنِ
أو أن يَحكُم بالقانون؛ فَهَذَا كُفرٌ أَكْبَرُ عِنْدَ الجَمِيع.
قَوْله: «ونحو ذَلِكَ من الأَدِلَّة الواردة فيمن زَنَا، ومن سَرَقَ»، فَقَوْله:
«لا يزْني الزَّانِي حِين يزْني وَهُوَ
مُؤْمنٌ» ([1])
فيه نفيُ الإِيمَان عَنْهُ، لَيْسَ مَعْنَاه أنه كَفَرَ الكُفرَ الأَكْبَرَ؛
وَلِذَلِكَ يُقام عَلَيْهِ الحَدُّ.
قَوْله: «ومَن أَتَى امرأةً حائضًا...»، كل هَذِهِ الأفعال وُصِفَ فَاعِلُها