وَقَد ثَبَتَ أن هَذِهِ الأمَّةَ تفعل أمورًا من أُمُور
الجَاهِلِيَّة هِيَ من الكفر العِلْمِيّ كحديث: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ
أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الأَْحْسَابِ،
وَالطَّعْنُ فِي الأَْنْسَابِ، وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ».
أَخْرَجَهُ مُسْلِم فِي صحيحه مِنْ حَدِيث أبي مالك الأَشْعَرِيِّ ([1]).
فَهَذِهِ من الكفر
العِلْمِيِّ، لا تَخرُج بها الأمَّةُ عَن الملة، بل هُم مَعَ إتيانهم بِهَذِهِ
الخصلة الجَاهِلِيَّة أضافهم إِلَى نفسه فَقَالَ: «من أُمَّتي».
فإن قلت: أهل
الجَاهِلِيَّة تقول فِي أصنامها: إِنَّهُم يُقرِّبونهم إِلَى الله زُلْفَى كما
يَقُول القُبُورِيُّونَ، ويقولون، هَؤُلاَءِ شفعاؤنا عِنْدَ الله كما يقوله
القُبُورِيُّونَ.
قلت: لا سَوَاء،
فإن القبوريين مُثبِتون للتوحيد لله، قائلون: إنه «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، ولو
ضُرِبَت عُنُقُهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: إن الولي إلهٌ مَعَ الله لَمَا قَالَهَا، بل
عِنْدَهُ اعْتِقَادُ جَهْلٍ أن الوَلِيَّ لَمَّا أطاعَ اللهَ كَانَ لَهُ بطاعته
عِنْدَ الله جاهٌ به تُقبَل شفاعته ويُرجَى نَفعُه، لا أنه إله مَعَ الله،
بِخِلاَف الوثني فإنه امْتَنَعَ عَن قَوْل: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» حَتَّى
ضُرِبَت عُنُقَه زاعمًا أن وَثَنَهُ إلهٌ مَعَ الله، ويُسَمِّيه رَبًّا وإلهًا.
قَالَ يُوسُف عليه السلام: ﴿ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ﴾ [يُوسُف: 39]، سَمَّاهم أَرْبَابًا؛ لأَِنَّهُم كَانُوا يُسَمُّونهم بِذَلِكَ، كما قَالَ الخَلِيل: ﴿هَٰذَا رَبِّيۖ﴾ [الأنعام: 76]، فِي الثَّلاَث الآيَاتِ مستفهِمًا لَهُم
([1]) أخرجه: مسلم (974).