مُبَكِّتًا مُتكَلِّمًا عَلَى خِطَابِهم، حَيْثُ
يُسَمُّون الكواكبَ أَرْبَابًا، وَقَالُوا: ﴿أَجَعَلَ
ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ﴾ [ص: 5]، وَقَالَ قوم إِبْرَاهِيم: ﴿مَن
فَعَلَ هَٰذَا بَِٔالِهَتِنَآ﴾ [الأَنْبِيَاء: 59]، ﴿ءَأَنتَ
فَعَلۡتَ هَٰذَا بَِٔالِهَتِنَا يَٰٓإِبۡرَٰهِيمُ﴾ [الأَنْبِيَاء:
62]، وَقَالَ إِبْرَاهِيم: ﴿أَئِفۡكًا ءَالِهَةٗ دُونَ ٱللَّهِ
تُرِيدُونَ﴾ [الصَّافَات: 86].
ومِن هَذَا يُعلَم
أن الكُفَّار غير مُقِرِّين بتوحيد الإِلَهِيَّة والربوبية كما تَوَهَّمَه مَن
تَوَهَّمَ مِن قَوْله: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ
خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ﴾ [الزُّخْرُف: 87] ﴿وَلَئِن
سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ
ٱلۡعَلِيمُ﴾ [الزُّخْرُف: 9]، ﴿قُلۡ
مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿فَسَيَقُولُونَ
ٱللَّهُۚ﴾ [يُونُس: 31].
فَهَذَا إقرار
بتوحيد الخالقية والرازقية ونحوهما، لا أنه إقرار بتوحيد الإِلَهِيَّة؛ لأَِنَّهُم
يَجعلون أوثانهم أَرْبَابًا كما عَرَفْتَ، فَهَذَا الكفر الجاهلي كفرُ اعْتِقَادٍ،
ومِن لاَزِمِه كُفر العَمَل؛ بِخِلاَف من اعتَقَدَ فِي الأَوْلِيَاء النَّفْعَ
والضَّرَّ مَعَ تَوْحِيد الله، وَالإِيمَان به، وبرسله، وباليوم الآخر، فإنه
كُفْرُ عَمَلٍ، فَهَذَا تَحْقِيقٌ بَالِغٌ، وإيضاحٌ لِمَا هُوَ الحَقُّ مِن غير
إفراطٍ ولا تَفْرِيطٍ، انتهى كَلاَم السَّيِّد المذكور رحمه الله.
وأقول: هَذَا
الكَلاَم فِي التَّحْقِيق لَيْسَ بِتَحْقِيقٍ بالِغٍ، بل كَلاَمٌ متناقِضٌ
متدافِعٌ.
وبيانه أنه لا
شَكَّ أن الكفر ينقسم إِلَى: كُفر اعْتِقَاد، وكُفر عملٍ.
لَكِن دَعْوَى أن ما يَفعله المعتقِدون فِي الأَمْوَات من كُفر العَمَل فِي غَايَة الفَسَاد؛ فإنه قَد ذكر فِي هَذَا البَحْث أن كُفر من اعتَقَدَ فِي