الأَوْلِيَاء كُفر عملٍ، وَهَذَا عَجِيبٌ، كيف
يَقُول: كُفر من يعتَقِد فِي الأَوْلِيَاء، ويسمي ذَلِكَ اعْتِقَادًا، ثُمَّ
يَقُول: إنه من الكفر العِلْمِيِّ؟! وهل هَذَا إلاَّ التناقض البحت، والتدافع
الخَالِص!
انْظُر: كيف
ذَكَرَ فِي أَوَّل البَحْث أن كُفْرَ من يَدْعُو الأَوْلِيَاء، ويهتف بهم عِنْدَ
الشَّدَائِد، ويطوف بقبورهم، ويُقبِّل جدرانها، ويَنذِر لها بشيءٍ من ماله هُوَ
كُفرُ عملٍ.
فليت شعري ما هُوَ
الحَامِل لَهُ عَلَى الدُّعَاء والاستِغَاثَة، وتقبيل الجُدْرَان، ونَذْرِ
النذورات، هَل مُجَرَّد اللعب والعبث من دون اعْتِقَاد؟ فَهَذَا لا يَفعله إلاَّ
مجنون، أم البَاعِث عَلَيْهِ الاِعْتِقَاد فِي المَيِّت، فَكَيْفَ لا يَكُون هَذَا
من كُفر الاِعْتِقَاد الَّذِي لولاه لم يَصدُر فِعل من تِلْكَ الأفعال.
ثُمَّ انْظُر كيف
اعْتَرَفَ بَعْدَ أَن حَكَمَ عَلَى هَذَا الكفر بأنه كُفر عملٍ، لا كُفرَ
اعْتِقَادٍ بِقَوْلِهِ: «لَكِن زَيَّنَ الشَّيْطَانُ أن هَؤُلاَءِ عِباد الله الصَّالِحِينَ
يَنفعون ويَشفعون؛ فاعتَقَدَ ذَلِكَ جهلاً كما اعتَقَدَه أهل الجَاهِلِيَّة فِي
الأَصْنَام».
****
قَوْله: «انْظُر: كيف ذَكَرَ فِي أَوَّل البَحْث»: هَذَا رَدُّ الشَّيْخ
الشوكاني عَلَى ما نُسِبَ للصنعاني، وَقَوْل: «فليت شعري ما هُوَ الحَامِل لَهُ عَلَى الدُّعَاء...»، فالصنعانيُّ
فِي قصيدته يَقُول:
وَقَد هَتَفُوا عِنْدَ الشَّدَائِد بِاسْمِهَا **** كما
يَهتف المُضْطَرُّ بالصمد الفرد
هَتَفُوا:
يَعْنِي القبوريين، هَذَا صَرِيح كَلاَمه فِي قصيدته، فَكَيْفَ يأتي هُنَا ويقول: «ما هُوَ الحَامِل»؛ أي ما الحَامِل لمن يَدْعُو
الأَمْوَات،