فتَأَمَّلْ كيف حَكَمَ بأن هَذَا كُفْرُ
اعْتِقَادٍ كَكُفْرِ أهل الجَاهِلِيَّة، وأَثْبَتَ الاِعْتِقَادَ وَاعْتَذَرَ
عَنْهُم بأنه اعْتِقَادُ جَهْلٍ.
وليت شعري أي
فَائِدَة لِكَوْنِهِ اعْتِقَادَ جَهْلٍ؛ فإن طَوَائِف الكفر بِأَسْرِهَا، وأهل الشِّرْك
قاطبة إِنَّمَا حَمَلَهم عَلَى الكفر ودَفْعِ الحَقِّ والبقاء عَلَى البَاطِل
الاِعْتِقَاد جهلاً.
وهل يَقُول قائل:
إن اعْتِقَادهم اعْتِقَادُ عِلْمٍ حَتَّى يَكُون اعْتِقَادُ الجَهْل عُذرًا
لإخوانهم المُعْتَقِدِين فِي الأَمْوَات.
****
ما يَحمِلُه عَلَى هَذَا إلاَّ الاِعْتِقَاد أن
المَيِّت يَنفع ويَضر، ويَقضي الحَاجَات ويُفرِّج الكُربات، وَهَذَا لَيْسَ كُفرًا
عمليًّا، كما يَقُول الصَّنْعَانِيُّ فِيمَا يُنسَب إِلَيْهِ.
يَقُول
الشوكانيُّ: «فَكَيْفَ لا
يَكُون هَذَا من كُفر الاِعْتِقَاد».
قَوْله:
«ثُمَّ انْظُر كيف اعتَرَفَ بَعْدَ أَن
حَكَمَ عَلَى هَذَا الكفر بأنه كُفر عملٍ، لا كُفر اعْتِقَاد» الحَمْد لله
اعتَرَفَ الآنَ أن هَذَا هُوَ اعْتِقَاد أهل الجَاهِلِيَّة فِي الأَصْنَام، كيف
يَكُون كُفرًا عمليًّا وَهُوَ اعْتِقَاد أهل الجَاهِلِيَّة فِي الأَصْنَام، أهل الجَاهِلِيَّة
لم يقولوا: إن الأَصْنَام تَخلق وتَرزق، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ: شفعاؤنا عِنْدَ
الله، فاتَّخَذُوها للشفاعة فَقَط، وَلَمْ يَعتَقِدوا فِيهَا أنها تَخلق وتَرزق
وتُدبِّر الأَمْر، فَلاَ فَرْقَ بَين هَؤُلاَءِ القبوريين وبين أهل الجَاهِلِيَّة.
قَوْله: «وَاعْتَذَرَ عَنْهُم بأنه اعْتِقَاد جَهْلٍ»، كيف اعتَذَرَ
الصَّنْعَانِيُّ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ عَن القبوريين بأن كُفْرَهُم كُفْرُ
عَمَلٍ عَن جَهْلٍ مِنْهُمْ فَكَيْفَ يكونون جُهَّالاً وهم يَقْرَؤُون القُرْآنَ،
ويَسمَعون الأَحَادِيثَ