وَكَانَ حذيفة بْن اليمان رضي الله عنه يَقُول: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ
أَنْ يُدْرِكَنِي» ([1])،
وَهَذَا من الفِقْه، فأنت إِذا كنت تَجهل الشَّيْء ربما وَقعْتَ فيه، فما أَصَابَ
كَثِيرًا من النَّاس من هَذِهِ الدواهي الشركية والبدعية إلاَّ بِسَبَب الجَهْل
بِأُمُور الجَاهِلِيَّة وَأُمُور الشِّرْك والمشركين.
فكَمَا أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بالتَّوحِيد فقد نَهَى عَن الشِّرْك، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النِّسَاء: 36]، فَلاَ يكفي أنك تَعْبُد اللهِ، بل لاَ بُدَّ أن تَعرف ما هُوَ الشِّرْك؛ لأجل أن تتجنبه؛ لأن العِبَادَة لا تصح مَعَ الشِّرْك، من ذَا الَّذِي يؤَمِّنك أن تقع فِي الشِّرْك؟ إِذا كنت لا تعرفه، وَهَذَا فيه ردٌّ عَلَى الَّذِينَ يَقُولُونَ عَن المناهج الدراسية إِنَّمَا هِيَ مُنفِّرة، وَلَيْسَ لكم دَخْلٌ فِي عَقَائِد النَّاس! اتركوا النَّاس كل عَلَى عَقِيدَته! اجْتَمِعُوا وتوحَّدُوا! وَنَقُول: لا يمكن أن نجتمع ونتوحد بدون عَقِيدَة، هَذَا محال، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأَنْبِيَاء: 92]، فَلاَ يَتَّحِدُون إلاَّ بِعبَادَة الله عز وجل، فَلاَ يكفي أنك تَعرف الخَيْر فَقَط، بل لاَ بُدَّ أنك تَعرف الشَّرّ من أجل أن تَتجنَّبه، وإلا فإنه يُفسِد ما عِنْدَك من الخَيْر وأنت لا تدري، لا سيما وأن الشِّرْك لَهُ دعاة قائمون عَلَى قَدمٍ وساقٍ، يُحاضِرون ويتكلمون ويؤلِّفون، ويتكلمون فِي المواقع، وفي المحطات الإعلامية، فالمسلم عَلَى خطرٍ من هَذَا.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).
الصفحة 4 / 327