×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

كما قَالَ عُمَر بْن الخَطَّاب رضي الله عنه: «إِنَّمَا تُنقض عرى الإِسْلاَم عُرْوَة عُرْوَة إِذا نشأ فِي الإِسْلاَم من لا يَعرف الجَاهِلِيَّة» ([1])، وَهَذَا لأنه إِذَا لَمْ يَعرف الشِّرْك وَمَا عابه القُرْآن وذَمَّه، وَقَعَ فيه وأَقَرَّه، وَدَعَا إِلَيْهِ وصَوَّبَه وحَسَّنَه،

****

  قَوْله: «كما قَالَ عُمَر بْن الخَطَّاب رضي الله عنه » هَذِهِ كَلِمَة عَظِيمَة من أمير المؤمنين، «إِنَّمَا تُنقض عرى الإِسْلاَم عُرْوَة عُرْوَة إِذا نشأ فِي الإِسْلاَم من لا يَعرف الجَاهِلِيَّة» فالذي لا يُنزِّل القُرْآن عَلَى الوَاقِع لا يَعرف الجَاهِلِيَّة فَلاَ يستفيد من القُرْآن، فَهَذَا يَنطبق عَلَيْهِ كَلاَم عمر رضي الله عنه.

وَلاَ بُدَّ من تَعَلُّم أُمُور الجَاهِلِيَّة؛ فَلاَ نَغفل عَنْهَا؛ من أجل أن نَحذَرَها ونَتجَنَّبَها، وَهِيَ الَّتِي جَاءَ الإِسْلاَم بالتحذير مِنْهَا ونَفيِها، فَلاَ نَقُول: هَذَا شَيْء مَضَى وانقضى، لاَ بُدَّ أن نَفهَم أُمُور الجَاهِلِيَّة ونَتعَلَّمَها حَتَّى نَحْذَر مِنْهَا، وَلِهَذَا صَنَّفَ شَيْخ الإِسْلاَم مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب رحمه الله رسالة سَمَّاهَا «المسائل الَّتِي خَالَفَ فِيهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ الجَاهِلِيَّة» من أجل أن نَعرف أُمُور الجَاهِلِيَّة حَتَّى نَتجَنَّبَها ولا نَقَعَ فِيهَا.

قَوْله: «وَهَذَا لأنه إِذَا لَمْ يَعرف الشِّرْك وَمَا عابه القُرْآن وذَمَّهُ، وَقَعَ فيه»؛ أي: إِذَا لَمْ يَعرف ما عَلَيْهِ أهل الجَاهِلِيَّة من الشِّرْك والكفر، فإنه يَقَع فِيهَا؛ وَلِهَذَا يَقُول الشَّاعِر:

عَرفْتُ الشَّرَّ لا للشَّرِّ لَكِن لِتَوَقِّيهِ *** وَمَن لا يَعرف الشَّرَّ مِن الخَيْر يَقَع فِيهِ


الشرح

([1])  أخرجه: ابن أبي شيبة رقم (32472).