أو سأله أن يَشفَع لَهُ إِلَى الله فِيهَا،
وَهَذَا من جَهلِه بالشافع والمشفوع عِنْدَهُ، فإِنَّ اللهَ تَعَالَى لا يَشفع
عِنْدَهُ أَحَد إلاَّ بِإِذْنِهِ، والله لم يَجعل استعانته وسؤاله سَبَبًا لإذنه،
وَإِنَّمَا السَّبَب لإذنه كَمَال التَّوْحِيد، فَجَاءَ هَذَا المُشْرِك بِسَبَب
يمنع الإِذْن، وَهُوَ بمنزلة من استعان فِي حاجته بما يمنع حُصُولهَا، وَهَذَا
حَال كل مُشْرِك، والميت محتاج إِلَى من يَدْعُو لَهُ، ويترحم عَلَيْهِ، ويستغفر
لَهُ
****
قَوْله: «وَهَذَا من جهله بالشافع والمشفوع عِنْدَهُ»، فمن طَلَبَ الشَّفَاعَة
من المَيِّت فَهَذَا من جَهلِه بالشَّفَاعَة وَأَحْكَامهَا، ومن جَهلِه بالشافع
الَّذِي هُوَ المَيِّت الَّذِي لا يَملك شَيْئًا، ومن جَهلِه بالمشفوع عِنْدَهُ
وَهُوَ الله، فإِنَّ اللهَ لا يَقبل هَذِهِ الشَّفَاعَة. قَوْله: «فإِنَّ اللهَ تَعَالَى لا يَشفع عِنْدَهُ
أَحَد إلاَّ بِإِذْنِهِ»، فَلاَ تُطلب الشَّفَاعَة من المَيِّت، بل تُطلب من
الله، نعم تَطلُب من الحيّ أن يَدْعُو لك، أَمَّا المَيِّت فإنه عاجز أن يَعمل
لِنَفْسِهِ؛ فَكَيْفَ يَعمل لك.
قَوْله:
«والله لم يَجعل استعانته وسؤاله سَبَبًا
لإذنه»، لم يَجعل الله سُؤَال المَيِّت والاستِغَاثَة به سَبَبًا لإذنه لَهُ
أن يَشفع.
قَوْله:
«وَإِنَّمَا السَّبَب لإذنه كَمَال
التَّوْحِيد»، فَلاَ بُدَّ أن يَكُون الشَّافِع حَيًّا كامل التَّوْحِيد
حَتَّى يأذن الله لَهُ.
قَوْله:
«فَجَاءَ هَذَا المُشْرِك بِسَبَب يمنع
الإِذْن، وَهُوَ بمنزلة من استعان فِي حاجته بما يمنع حُصُولهَا»، جَاءَ هَذَا
المستشفِع بما يمنع قَبُول الشَّفَاعَة، وَهُوَ الشِّرْك، فالاستِغَاثَة بالميت
وَدُعَاء المَيِّت هَذَا كله شرك يمنع الشَّفَاعَة.
الصفحة 3 / 327