×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وَهَذَا أصل شرك العَالم، فإن المَيِّت قَد انْقَطَعَ عَمَلُه، وَهُوَ لا يَملك لِنَفْسِهِ نَفْعًا ولا ضَرًّا، فَضْلاً لمن استغاث به، أو سأله قَضَاء حاجته،

****

 قَوْله: «وَهَذَا أصل شرك العَالَم»، هَذِهِ الأُمُور الَّتِي ذكرهَا ابْن القيم فِي هَذِهِ الأمَّة هِيَ أصل شرك العَالَم من قبل، كما قَالَ الله جل وعلا عَن أهل الجَاهِلِيَّة: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يُونُس: 18]. ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزُّمُر: 3].

قَوْله: «فإن المَيِّت قَد انْقَطَعَ عَمَلُه، وَهُوَ لا يَملك لِنَفْسِهِ نفْعًا ولا ضَرًّا»، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ» تَسَبَّبَ بها أو فَعَلَها فِي حَيَاته، «صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([1])، أَمَّا بعد مَوْته فَلاَ يستطيع أن يَعمل شَيْئًا؛ فَكَيْفَ يُطلب مِنْهُ شَيْء وَهُوَ المحتاج إِلَى الأَحْيَاء؛ يَدْعون لَهُ ويَتَصَدَّقون عَنْهُ.

فَكَيْفَ يملك شَيْئًا: «لمن استغاث به، أو سأله قَضَاء حاجته»، فَهُوَ لا يستطيع أن يعمل شَيْئًا لِنَفْسِهِ، فَكَيْفَ يعمل لغيره، هَذَا محال، فالميت بِحَاجَة إِلَى الحَيّ، والحي لَيْسَ بِحَاجَة إِلَى المَيِّت.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1631).