×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ونهى عَن الحَلِف بِغَيْر الله وَقَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدَ أَشْرَكَ» ([1]). وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فِي مرض مَوْته: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحذِّر ما فَعَلُوا ([2])، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلُ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([3]).

****

 قَالُوا لَهُ: «وَيَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا»، خَشي عَلَيْهِمْ من الغُلُوّ؛ فمَنَعَهم مِنْ ذلك تحقيقًا للتوحيد.

 قَوْله: «ونهى عَن الحَلِف بِغَيْر الله» مَعَ أن الحَلِف بِغَيْر الله شرك أصغر، وَمَعَ هَذَا نهى عَنْهُ.

قَوْله: «وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فِي مرض مَوْته: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»» يَعْنِي يُصَلُّون عِنْدَهَا تعظيمًا لها، أو يَبنون عَلَيْهَا المَسَاجِد، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ»، الوثن: اسم عامٌّ لكل ما يُعبد من دون الله من حجر أو شجر أو قبر، بِخِلاَف الصَّنَم: فإنه يُطلَق عَلَى ما كَانَ عَلَى صورة إِنْسَان أو حيوان، فَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دَعَا ربه ألاَّ يَكُون قبره وثنًا، فاستجاب الله دُعَاءَهُ وحمى الله قبره صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ ابْن القيم رحمه الله:

فأجاب ربُّ العَالمين دُعَاءَهُ **** وأحاطه بِثَلاَثَة الجُدْرَان

حَتَّى اغتدت أرجاؤه بِدُعَائِهِ **** فِي عزةٍ وحمايةٍ وصيانِ

فحماه بالجدران حَتَّى لا يراه النَّاس، ولا يُصَلُّون إِلَيْهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3251)، والترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (5375)، والحاكم رقم (7814).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (435)، ومسلم رقم (529).

([3])  أخرجه: مالك رقم (85).