×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فلو ذَبَحَ لغير الله مُتقَرِّبًا إِلَيْهِ لَحَرُمَ وإن قَالَ فيه: «بسم الله»، كما قَد يَفعله طائفة من منافقي هَذِهِ الأمة، وإن كَانَ هَؤُلاَءِ مرتَدِّين لا تباح ذبيحتهم بِحَال، لَكِن يَجتَمِع فِي الذَّبِيحَة مانعان، ومن هَذَا ما يُفعل بِمَكَّةَ وَغَيرهَا من الذَّبْح.

ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِع آخر من هَذَا الكتاب: إن العِلَّة فِي النَّهْي عَن الصَّلاَة عِنْدَ القبور ما يُفْضِي إِلَيْهِ ذَلِكَ من الشِّرْك، ذكر ذَلِكَ الإِمَام الشَّافِعِيّ رحمه الله تعالى وغيره، وَكَذَلِكَ الأَئِمَّة من أَصْحَاب أَحْمَد ومالك؛ كأَبِي بَكْر الأَثْرَم عَلَّلُوا بِهَذِهِ العِلَّة... ا هـ.

وكلامه فِي هَذَا البَاب وَاسِع جِدًّا، وَكَذَلِكَ كَلاَم غَيره مِنْ أَهْلِ العِلْم.

****

قَوْله: «وَتَحْرِيم هَذَا أَظْهَرُ من تَحْرِيم ما ذَبَحَهُ النَّصْرَانِيُّ من لَحْمٍ، وَقَالَ فيه: بِاسْم المسيح ونحوه» النَّصْرَانِيّ لو ذَبَحَ لِلَّحْمِ لا لِلْعِبَادَةِ، وسَمَّى غيرَ الله عَلَى ذَبِيحَة اللحم، فَهَذَا حرامٌ؛ لأنه مِمَّا أُهِلَّ به لغير الله، فيَشْمَلُهُ النَّهْيُ.

قَوْله: «كَمَا أَنَّ ما ذَبَحْنَاهُ مُتَقَرِّبِينَ به إِلَى الله كَانَ أَزْكَى مِمَّا ذَبَحْنَاهُ لِلَّحْمِ، وقلنا عَلَيْهِ بسم الله»؛ لأن الذَّبْح لله لأَِجْلِ العِبَادَة تَوْحِيدٌ، فَإِذَا ذبحت الذَّبِيحَة تقرُّبًا إِلَى الله، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ [الكَوْثَر: 2]، ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الأَنْعَام: 162]. وَكَذَلِكَ ما ذَبَحْنَاهُ لأجل أكل اللحم فَهَذَا مُبَاحٌ.

 قَوْله: «فلو ذَبَحَ لغير الله مُتقَرِّبًا إِلَيْهِ لَحَرُمَ وإن قَالَ فيه: بسم الله»؛ لأن هَذَا شركٌ.


الشرح