وَقَد تَقَرَّرَ أن الحَمْد هُوَ الثَّنَاء
باللسان عَلَى الجَمِيل الاِخْتِيَار لِقصد التَّعْظِيم، فَلاَ ثَنَاء إلاَّ
عَلَيْهِ، ولا جميل إلاَّ مِنْهُ، ولا تَعْظِيم إلاَّ لَهُ، وفي هَذَا من إِخْلاَص
التَّوْحِيد ما لَيْسَ عَلَيْهِ مزيدٌ.
ومن ذَلِكَ
قَوْله: ﴿مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ﴾ [الفاتحة: 4] أو ﴿ملك يوم الدين﴾ [الفاتحة: 4]
عَلَى القراءتين السَّبْعِيَّتَين،
****
قَوْله: «وَقَد تَقَرَّرَ أن الحَمْد...»، الحَمْد لا يَكُون إلاَّ عَلَى
الجَمِيل الاختياري، أَمَّا الجَمِيل الخِلقي فَهَذَا يُحمد عَلَيْهِ صاحِبُه،
وَإِنَّمَا يُمدَح بِذَلِكَ؛ إِنَّمَا يُحمَد الإِنْسَان عَلَى أفعاله وَعَلَى
كَرَمِه، وَعَلَى صلاحه، أَمَّا أن يُحمد الإِنْسَان لأنه جميل، أو لأنه حَسَنُ
الخِلْقَة، فَهَذَا لا يُحمَد عَلَيْهِ؛ لأنه لَيْسَ من صُنعِه.
قَوْله:
«فَلاَ ثَنَاء إلاَّ عَلَيْهِ، ولا جميل
إلاَّ مِنْهُ، ولا تَعْظِيم إلاَّ لَهُ، وفي هَذَا من إِخْلاَص التَّوْحِيد ما
لَيْسَ عَلَيْهِ مزيد» هَذَا كله فِي قَوْله: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2] وَقَد تَكَلَّمَ ابْنُ القيم فِي أَوَّل «مدارج السالكين» عَلَى الفَاتِحَة
بِكَلاَمٍ جميلٍ جِدًّا.
قَوْله:
«ومِن ذَلِكَ قَوْله: ﴿مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ﴾
[الفاتحة: 4] أو ﴿ملك يوم الدين﴾ عَلَى
القراءتين السبعيتين» ﴿مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ﴾
بِالأَلْفِ، وفي قراءةٍ: ﴿ملك يوم الدين﴾،
وَالمَعْنى واحدٌ فِي جَمِيع القراءات؛ أنه يَوْمَ القِيَامَة لا مُلْكَ إلاَّ لله
﴿لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ
ٱلۡيَوۡمَۖ﴾ [غَافِر: 16]، فَإِذَا
قَامَت القِيَامَة يَقُول الله جل وعلا: ﴿لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ﴾
ولا أَحَدَ يَدَّعِي شَيْئًا، ولا أَحَدَ يُجِيبُ، ثُمَّ يُجِيبُ نَفْسَهُ عز وجل
فيقول: ﴿لِلَّهِ
ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ﴾
[غَافرِ: 16]، فَفِي يَوْم القِيَامَة المُلْك لله وحده، أَمَّا فِي الدُّنْيَا
فهناك ملوكٌ