×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وَهُوَ مقيِّدٌ لِمُطلَق الزِّيَارَة، وَقَد خُصَّ بِمُخَصِّصَاتٍ، مِنْهَا زِيَارَة القبر الشَّرِيف النبوي المحمدي - عَلَى صَاحِبِهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالتَّسْلِيمِ-، وفي ذَلِكَ خِلاَفٌ بَين العُلَمَاء، وَهِيَ مَسْأَلَة من المسائل الَّتِي طالت ذيولها، واشتَهَرَت أصولها، وامتُحِن بسببها مَن امتُحِن، وَلَيْسَ ذَلِكَ هَا هُنَا مِن مقصودنا.

وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَقصِد مُجَرَّد الزِّيَارَة، بل قَصَدَ المَشْيَ إِلَى القبر لِيَفعَل الدُّعَاءَ عِنْدَهُ فَقَط، وجَعَلَ الزِّيَارَةَ تابعةً لِذَلِكَ، أو مَشَى لِمَجْمُوعِ الزِّيَارَة وَالدُّعَاء فَقَط، كَانَ يُغنِيه أن يَتوَسَّل إِلَى الله بِذَلِكَ المَيِّت من الأَعْمَال الصَّالِحَة مِن دُون أن يَمْشِي إِلَى قَبْرِه.

فإن قَالَ: إِنَّمَا مَشَيْتُ إِلَى قبره لأُِشِير إِلَيْهِ عِنْدَ التَّوسُّل به، فيُقال لَهُ: إن الَّذِي يَعلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، ويَحُول بَين المَرْء وقَلبِه، ويَطَّلِع عَلَى خَفِيَّات الضمائر، وتَنكَشِف لديه مكنونات السرائر،

****

  قَوْله: «كَانَ يُغنِيه أن يَتوسل إِلَى الله بما لِذَلِكَ المَيِّت من الأَعْمَال الصَّالِحَة» بَيَّنَّا أن هَذَا خَطَأٌ من الشَّيْخ رحمه الله، ولا فَرْقَ بين كَوْنه يَمْشِي بِقَصْد التَّوسُّل بالميت وَالدُّعَاء عِنْدَ القبر، أو كَوْنه يَقصِد زِيَارَة المَيِّت الزِّيَارَة الشرعية ثُمَّ يبدو لَهُ إِذا وَصَلَ إِلَى القبر أن يَتوسل بالميت، أو يَدْعُو عِنْدَ قبره لِنَفْسِهِ، نَقُول: هَذَا لا يَجُوز، سَوَاء جَاءَ مِن أَجْلِه أو جَاءَ لِزِيَارَة المَيِّت ثُمَّ بَدَا لَهُ هَذَا القَصْد، لا فَرْقَ فِي هَذَا.


الشرح