×
الملخص الفقهي الجزء الأول

 فكان في تطهير ظاهرها تنبيه على تطهير باطنها، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم كلما غسل عضوًا منها؛ حط عنه كل خطيئة أصابها بذلك العضو، وأنها تخرج خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ([1]).

ثم أرشد صلى الله عليه وسلم بعد غسل هذه الأعضاء إلى تجديد الإيمان بالشهادتين ([2])، إشارة إلى الجمع بين الطهارتين الحسية والمعنوية.

فالحسية تكون بالماء على الصفة التي بينها الله في كتابه من غسل هذه الأعضاء، والمعنوية تكون بالشهادتين اللتين تطهران من الشرك.

وقد قال تعالى في آخر آية الوضوء:﴿مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمۡ وَلِيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ [المَائدة: 6].

وهكذا -أيها المسلم- شرع الله لك الوضوء؛ ليطهرك به من خطاياك، وليتم به نعمته عليك.

وتأمل افتتاح آية الوضوء بهذا النداء الكريم: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ[المَائدة: 8]؛ فقد وجه سبحانه الخطاب إلى من يتصف بالإيمان؛ لأنه هو الذي يصغي لأوامر الله، وينتفع بها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ يُحَافِظ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِن» ([3]).

وما زاد عما ذكر في صفة الوضوء، فهو مستحب، من فعله؛ فله زيادة أجر، ومن تركه فلا حرج عليه، ومن ثم سمى الفقهاء تلك الأفعال: سنن الوضوء، أي: مستحباته؛ فسنن الوضوء هي:


الشرح

([1])رواه مسلم: كتاب: (الطهارة)، باب: « خروج الخطايا مع ماء الوجه » (244).

([2])رواه مسلم: كتاب: (الطهارة)، باب: « الذكر المستحب عقب الوضوء » (234).

([3])رواه ابن ماجه: كتاب: (الطهارة وسننها) (277)، وابن حبان (1037)، وأحمد (22486).