بابٌ في أحكام صلاة
الاستسقاء
الاستسقاء هنا هو
طلب السقي من الله تعالى؛ فالنفوس مجبولةٌ على الطلب ممن يغيثها، وهو الله وحده،
وكان ذلك معروفًا في الأمم الماضية، وهو من سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام،
قال الله تعالى: ﴿وَإِذِ
ٱسۡتَسۡقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ﴾ [البَقَرَة: 60]، واستسقى خاتم الأنبياء نبينًا محمد صلى
الله عليه وسلم لأمته مراتٍ متعددة وعلى كيفياتٍ متنوعة، وأجمع المسلمون على
مشروعيته.
ويشرع الاستسقاء إذا
أجدبت الأرض -أي: أمحلت- وانحبس المطر وأضر ذلك بهم؛ فلا مناص لهم أن يتضرعوا إلى
ربهم ويستسقوه ويستغيثوه بأنواع من التضرع، تارة بالصلاة جماعة أو فرادى، وتارة
بالدعاء في خطبة الجمعة، يدعو الخطيب والمسلمون يؤمنون على دعائه، وتارة بالدعاء
عقب الصلوات وفي الخلوات بلا صلاةٍ ولا خطبةٍ؛ فكل ذلك وارد عن النبي صلى الله
عليه وسلم.
وحكم صلاة الاستسقاء
أنها سنةٌ مؤكدةٌ؛ لقول عبد الله بن زيد: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي،
فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» متفق عليه ([1])، ولغيره من
الأحاديث.
وصفة صلاة الاستسقاء في موضعها وأحكامها كصلاة العيد؛ فيستحب فعلها في المصلى كصلاة العيد، وأحكامها كأحكام صلاة العيد في عدد الركعات والجهر بالقراءة، وفي كونها تصلى قبل الخطبة،
([1])رواه البخاري: في كتاب: (الاستسقاء)، باب: « الجهر بالقراءة في الاستسقاء » (978)، ومسلم: في كتاب: (صلاة الاستسقاء) (894).
الصفحة 1 / 560
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد