×
الملخص الفقهي الجزء الأول

بابٌ في أحكام شركة المضاربة

شركة المضاربة سميت بذلك أخذًا من الضرب في الأرض، وهو السفر للتجارة، قال الله تعالى: ﴿وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ [المُزّمل: 20]؛ أي: يطلبون رزق الله في المتاجر والمكاسب، ومعنى المضاربة شرعًا: دفع مال معلوم لمن يتجر به ببعض ربحه.

وهذا النوع من التعامل جائز بالإجماع، وكان موجودًا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وأقره، وروي عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة رضي الله عن الجميع.

والحكمة تقتضي جواز المضاربة بالمال؛ لأن الناس بحاجة إليها؛ لأن الدراهم والدنانير لا تنمو إلا بالتقليب والتجارة.

قال العلامة ابن القيم ([1]): «المضارب أمينٌ وأجيرٌ ووكيلٌ وشريكٌ، فأمين إذا قبض المال، ووكيل إذا تصرف فيه، وأجير فيما يباشره بنفسه من العمل، وشريك إذا ظهر فيه الربح، ويشترط لصحة المضاربة تقدير نصيب العامل؛ لأنه يستحقه بالشرط».

وقال ابن المنذر ([2]): «أجمع أهل العلم على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه، أو ما يجمعان عليه بعد أن يكون ذلك معلومًا جزءًا من أجزاء، فلو سمى له كل الربح أو دراهم معلومة أو جزءًا مجهولاً فسدت» انتهى.

وتعيين مقدار نصيب العامل من الربح يرجع إليهما: فلو قال رب المال للعامل: اتجر به والربح بيننا؛ صار لكل منهما نصف الربح؛


الشرح

([1])انظر: « زاد المعاد » لابن القيم (1/161).

([2])انظر: « المغني » (5/140).